الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الحقيقة]

صفحة 450 - الجزء 1

  أن الحد والمحدود، ونحو شيطان ليطان⁣(⁣١) - غير مترادفين.

  (وإن تعددت معنى واتحدت لفظاً: فإن وضع اللفظ لتلك المعاني باعتبار أمر اشتركت فيه فمشكك إن تفاوتت) في ذلك الأمر بشدة⁣(⁣٢) وضعف، أو تقدم وتأخر (كالموجود للقديم والمحدث) فإنه للقديم أشد وأقدم، بخلاف اتصاف الأب والابن بالإنسانية. وكذا الأحمر للقاني - وهو شديد الحمرة - وغيره، وهو ضعيفها، فإنه للقاني أشد.

  وإنما سمي مشككاً لأنه يشكك السامع في أنه متواطئ؛ نظراً إلى اشتراك الكل في أصل المعنى، أو مشترك؛ نظراً إلى الاختلاف في ذلك.

  (وإن لم تتفاوت) في ذلك الأمر⁣(⁣٣) (فمتواطئ) وهو المشترك المعنوي؛ لأن لفظه أفاد معنى متماثلاً غير مختلف بوجه، فكأن ألفاظه تواطأت على ذلك، وذلك كالإنسان بالنسبة إلى أفراده، فإن كلها متفقه في الإنسانية، مستوية فيها غير متفاوتة. وكذا الحيوان، فإنه موضوع لكل ما يصح منه أن يدرك من غير زيادة ولا نقصان، واستواء أفراده في ذلك ظاهر.

  (وحينئذ) أي: حين عرفت المتواطئ بحقيقته (فإن اختلفت حقائق تلك المعاني) المتعددة (فهو الجنس) ويرسم بأنه كلي مقول على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب «ما هو» قولاً ذاتيًّا.

  فقولنا: «على كثيرين» يخرج الجزئيات؛ لأن الجزئي إنما يقال على واحد. وقولنا: «مختلفين بالحقائق» يخرج النوع؛ لكونه مقولاً على كثيرين متفقين بالحقيقة. وقولنا: «في جواب ما هو قولاً ذاتيًّا» يخرج الكليات الباقية،


(١) يقال هو شيطان ليطان، أي: لصوق لازم للشر، من قولهم: لاط بقلبي حبه، أي: لصق. انظر المزهر في اللغة.

(٢) في (ب): «لشدة وضعف».

(٣) سقط من (ج): «الأمر».