مسألة: [معاني صيغة الأمر:]
  نُسِبَ التأثير إليها؛ وإنما كان التأثير لغيرها لأنها لا تؤثر إلا فيما تعلّقت به، وهي هاهنا - إنما تعلقت بالمطلوب، فكيف تؤثر حقيقة في غيره، وهو الطلب!
  وأما قول أبي القاسم الكعبي(١): إنه يثبت كونه أمراً لعينه وذاته(٢) - فباطل؛ لأنها لا تخرج الصيغة حينئذٍ عن كونها أمراً، فيكون التهديد أمراً.
  واعلم أن الرازي ذهب إلى أن الصيغة تكون أمراً بالوضع(٣)، من غير اعتبار إرادة، كأسد وجمل. وحُمِل قول أبي القاسم على ذلك. قال الإمام الحسن #: وليس ببعيد عن المقصد.
  واحتج الرازي لما ادعاه: بأنه قد ثبت أن ماهيةَ الأمر والنهي والخبر وغير ذلك من أقسام الكلام ماهياتٌ معلومة ضرورة لكل العقلاء من أرباب اللغات أجمع، بل للصبيان، ونعلم(٤) تفرقة ضرورية بين طلب الفعل وطلب الترك، والإخبار والاستفهام، وذلك معلوم بالوضع اللغوي، من غير(٥) التفات إلى غير ذلك.
  قلت: ولا يبعد أن المصنف يرجح هذا القول؛ لأنه ترك المسألة في المختصر عن الذكر، وكون الصيغة أمراً بالوضع يفهم من الماهية. والله أعلم.
مسألة: [معاني صيغة الأمر:]
  وتستعمل «افعل» في معانٍ، وهي: الوجوب، نحو: {وأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}[البقرة ٤٣]. والندب، نحو: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور ٣٣]. والإباحة، نحو:
(١) أبو القاسم الكعبي يعني البلخي، فالكعبي نسبة إلى قبيلته، والبلخي نسبة إلى بلده. هامش الغاية ٢/ ١٢٥.
(٢) قال في القسطاس: ظاهر قوله أنه يجعل ذلك صفة ذاتية كالجوهرية والسوادية.
(٣) من واضع اللغات، فإن من عرف الوضع ميَّز بين معاني الألفاظ قطعاً. شرح الغاية ٢/ ١٢٥.
(٤) في (أ): «ويعلم»، وفي (ب): «وتعلم».
(٥) في (ج): «من دون».