الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [معاني صيغة الأمر:]

صفحة 470 - الجزء 1

  نُسِبَ التأثير إليها؛ وإنما كان التأثير لغيرها لأنها لا تؤثر إلا فيما تعلّقت به، وهي هاهنا - إنما تعلقت بالمطلوب، فكيف تؤثر حقيقة في غيره، وهو الطلب!

  وأما قول أبي القاسم الكعبي⁣(⁣١): إنه يثبت كونه أمراً لعينه وذاته⁣(⁣٢) - فباطل؛ لأنها لا تخرج الصيغة حينئذٍ عن كونها أمراً، فيكون التهديد أمراً.

  واعلم أن الرازي ذهب إلى أن الصيغة تكون أمراً بالوضع⁣(⁣٣)، من غير اعتبار إرادة، كأسد وجمل. وحُمِل قول أبي القاسم على ذلك. قال الإمام الحسن #: وليس ببعيد عن المقصد.

  واحتج الرازي لما ادعاه: بأنه قد ثبت أن ماهيةَ الأمر والنهي والخبر وغير ذلك من أقسام الكلام ماهياتٌ معلومة ضرورة لكل العقلاء من أرباب اللغات أجمع، بل للصبيان، ونعلم⁣(⁣٤) تفرقة ضرورية بين طلب الفعل وطلب الترك، والإخبار والاستفهام، وذلك معلوم بالوضع اللغوي، من غير⁣(⁣٥) التفات إلى غير ذلك.

  قلت: ولا يبعد أن المصنف يرجح هذا القول؛ لأنه ترك المسألة في المختصر عن الذكر، وكون الصيغة أمراً بالوضع يفهم من الماهية. والله أعلم.

مسألة: [معاني صيغة الأمر:]

  وتستعمل «افعل» في معانٍ، وهي: الوجوب، نحو: {وأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}⁣[البقرة ٤٣]. والندب، نحو: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}⁣[النور ٣٣]. والإباحة، نحو:


(١) أبو القاسم الكعبي يعني البلخي، فالكعبي نسبة إلى قبيلته، والبلخي نسبة إلى بلده. هامش الغاية ٢/ ١٢٥.

(٢) قال في القسطاس: ظاهر قوله أنه يجعل ذلك صفة ذاتية كالجوهرية والسوادية.

(٣) من واضع اللغات، فإن من عرف الوضع ميَّز بين معاني الألفاظ قطعاً. شرح الغاية ٢/ ١٢٥.

(٤) في (أ): «ويعلم»، وفي (ب): «وتعلم».

(٥) في (ج): «من دون».