مسألة: [هل النهي يدل على فساد المنهي عنه؟]:
مسألة: [هل النهي يدل على فساد المنهي عنه؟]:
  والنهي عن الشيء المقتضي للحظر(١) إما لعينه - وهو ما نُهيَ فيه عن الجنس كله لأنه منشأ المفسدة، كالظلم - أو لوصفه - وهو ما نُهيَ فيه عن بعض الجنس لوصف يلازمه، كالصلاة في المنزل الغصب، وبيع الغرر - أو لغيرهما، وهو ما نهيَ فيه لأمر خارج عنهما يقارنه تارة ويفارقه أخرى، كالبيع وقت النداء، فالنهي عنه لأمر خارج، وهو أنه ترك للصلاة الواجبة. أما الأول فإن النهي فيه يدل على قبح المنهي عنه مؤكداً في العقليات، وعليه وعلى الفساد في الشرعيات. قيل: والخلاف فيه كالثاني(٢).
  وأما الثاني والثالث فالأصح أنه (لا) يدل على (فساده) فيهما، أما الثاني فإن الذي قال بذلك أبو حنيفة، ومحمد(٣)، والشيخان، وأبو عبدالله، والكرخي، والقاضي، والحاكم، والقفال، وبعض الأشعرية، قالوا: لا لغة ولا شرعاً، لا في العبادات ولا في غيرها، وحيث يفسد المنهي عنه فلدليل غيره، كالصلاة في المنزل الغصب، فإن فسادها لاتحاد الكون، لا لأجل النهي.
  وقال أبو طالب والمنصور @ وأكثر الفقهاء وبعض المتكلمين والظاهرية: بل يدل على الفساد في العبادات وغيرها. ثم اختلفوا(٤)، فأقلهم: شرعاً، وأكثرهم: لغة، وحيث لا يفسد المنهي عنه فلدليل(٥).
(١) لا المقتضي لغيره من سائر المعاني المتقدمة التي يرد لها النهي؛ إذ لا يتعلق به صحة ولا فساد، فلا كلام لنا فيه. دراري مضيئة معنى.
(٢) قوله: «فيه»، أي: في المنهي عنه لعينه، وقوله: «كالثاني» أي: المنهي عنه لوصف. وصاحب القيل هم الأشعرية، وسبب قولهم هذا أنهم لا يثبتون التحسين والتقبيح العقليين. الدراري المضيئة معنى.
(٣) أي: محمد بن الحسن وقد تقدمت ترجمته.
(٤) أي: في طريق الدلالة على الفساد.
(٥) كطلاق البدعة فإن القياس أنه لا يقع، لكنه وقع لدليل خارجي.