الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [هل النهي يدل على فساد المنهي عنه؟]:

صفحة 491 - الجزء 1

  وقال جمهور أئمتنا $ وبعض الفقهاء وأبو الحسين وابن الملاحمي والرازي: يدل فيه على الفساد في العبادات دون غيرها إلا لدليل فيهما⁣(⁣١).

  وأما الثالث⁣(⁣٢) فالذي قال بأن النهي فيه لا يقتضي الفساد أئمتنا $ والجمهور، خلافاً لبعض أئمتنا $(⁣٣) ومالك وأحمد في رواية عنه.

  لنا على أنه لا يقتضي الفساد في الوجهين: أن معنى كون الشيء فاسداً: عدم ترتب ثمراته وآثاره عليه، وهذا يتناول الفساد في العبادات والمعاملات، ولك أن تقول: معناه: أنه لم يقع موقع الصحيح في خروج فاعله بذلك عن عهدة الأمر، أو سقوط القضاء على ما ذكره القاضي، وهذا يختص⁣(⁣٤) العبادات. ولم⁣(⁣٥) يقع موقعه في اقتضاء التمليك وكمال التصرف، وهذا يختص المعاملات. وإذا تقرر ذلك فالمعلوم أن المنهي عنه قد يقع صحيحاً، كطلاق البدعة والبيع وقت النداء، فلا يكفي النهي في اقتضاء الفساد، وإلا لما صح ذلك الطلاق والبيع، بل لا بد من دليل خارجي يدل عليه.

  ولنا أيضاً أن النهي إنما يدل على الزجر؛ إذ لو دل على الفساد لكان مناقضاً للتصريح بصحة المنهي عنه، وهو لا يناقضه؛ لأنه يصح أن يقول: نهيتك عن الربا ولو فعلت لعاقبتك، لكنه يحصل به الملك.

  قال الإمام المهدي #: والخلاف المذكور ليس على الإطلاق، وإنما هو في النهي عما أمر به الشرع، أو ندب إليه، أو أباحه، لا غير ذلك؛ فالنهي عن الزنا وشرب الخمر ليس محلاً للخلاف⁣(⁣٦). قال: ولا خلاف أيضاً


(١) أي: دليل يدل على عدم الفساد في العبادات، كالوقوف على جمل مغصوب، أو يدل على الفساد في غيرها كالربا. دراري مضيئة.

(٢) وهو الذي نهي عنه لأمر خارج يقارن تارة ويفارق أخرى. هامش (ج).

(٣) هو الإمام أبو الفتح الديلمي نص عليه في تفسيره لسورة الجمعة. هامش (ج).

(٤) في (ج) و (ب): «مختص بالعبادات».

(٥) أي: وأنه لم يقع موقع الصحيح في اقتضاء ... إلخ.

(٦) إذ لا معنى لصحته ولا لفساده.