مسألة: [حكم الاستثناء المستغرق، واستثناء الأقل:]
مسألة: [حكم الاستثناء المستغرق، واستثناء الأقل:]
  الاستثناء المُسْتغْرِق - سواء كان المستثنى مثل المستثنى منه أو أكثر - باطل اتفاقاً، كذا نقله الرازي والآمدي، وحكى السبكي عن شذوذ صحة ذلك، ذكره في جمع الجوامع، قال في شرحه: نقل عن أبي طلحة(١) فيمن قال لامرأته: «أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً» أنه لا يقع عليها الطلاق، ولم يظفر بذلك(٢) مَنْ نقل الإجماع على امتناع المستغرق. ويستثنى الأقل اتفاقاً.
  والمختار عند أئمتنا $ والجمهور أنَّهُ يصح استثناء المساوي حتى يبقى نصف المستثنى منه، خلافاً لبعض النحاة، والحنابلة، والباقلاني، والظاهرية. (وأَنَّه يصح استثناء الأكثر) حتى يبقى أقل من النصف، خلافاً للفراء، وابن درستويه، والقفال، ومانع المساوي. وقيل: بمنعهما(٣) في العدد الصريح(٤) دون غيره(٥).
  لنا: أن فقهاء الأمصار اتفقوا على أنه لو قال: «عليَّ عشرة إلا تسعة» لم يلزم إلا واحد(٦)، ولولا أن استثناء الأكثر ظاهر في وضع اللغة في بقاء الأقل لما وقع الاتفاق عليه عادة، ولصار قوم ولو قليلاً إلى أنه يلزمه العشرة؛ لكون الاستثناء لغواً، لأنه غير صحيح كما في المستغرق.
  وأيضاً فلم تمنعه لغةٌ ولا شرع. وأيضاً فقد ورد في القرآن استثناء الأكثر، كقوله تعالى: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}[الأنعام ١٤٦]، يريد ما كان على الظهر
(١) من فقهاء المالكية.
(٢) أي: بالنقل عن أبي طلحة.
(٣) أي: استثناء الأكثر والمساوي.
(٤) نحو: له عليَّ عشرة إلا سبعة.
(٥) فيجوز نحو: خذ ما في الكيس من الدراهم إلا الزيوف، وكان الزيوف أكثر.
(٦) في (أ) و (ب): «إلا واحداً».