[العموم والخصوص]
  أنفسهما مخصص(١). فإن كانا بالفعل أو السكوت أو التقرير فهما من المعنوي.
  والسادس: أنه يصح التخصيص بالمفهوم إن قيل به كالمنطوق، سواء فيه مفهوم الموافقة(٢) ومفهوم المخالفة. مثاله أن يقول: «كل من دخل داري فاضربه» و «إن دخل أبي فلا تقل له أف»، ونحوه: في الغنم زكاة، ثم يقول: في الغنم السائمة زكاة، فيدل بالمفهوم على أنه لا زكاة في المعلوفة. ومنعه(٣) قوم.
  لنا: أنه دليل شرعي عارض مثله، وفي العمل به جمعٌ بين الدليلين فوجب. ولا يشترط في المعارضة التساوي في القوة والضعف؛ ولذا يخصص الكتاب والخبر المتواتر بخبر الواحد، كما سيجيء.
  نعم، ولا يخصص مفهوم الموافقة مع منافاة معنى أصله، كضرب الأب بلا سبب(٤)، فأما مع عدم منافاة معنى الأصل فيجوز، كحبسه لنفقة ولده مع بقاء التحريم للتأفيف. ويجوز تخصيص مفهوم المخالفة، كإيجاب الزكاة في معلوفة التجارة(٥). وهذه كلها أقسام اللفظي.
  وأما(٦) المعنوي فله أطراف قد شملها الكتاب أيضاً:
  الأول: أنه يصح التخصيص بالعقل، ومنع داود والقفال من التخصيص به، والشافعي من تسميته تخصيصاً.
(١) لأنهما إنما يكونان بعد انقطاع الوحي، ولا تخصيص بعد انقطاعه. هامش (أ)
(٢) من أمثلته قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ...} الآية [الاسراء ٢٣] فإن مفهومه وهو ألا يؤذيهما بحبس ولا غيره مخصص لعموم قول الرسول ÷: «ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته» والليّ: المطل، ومعنى قوله: «يحل عرضه» أن يقول الغريم: ظلمني، ويعني بعقوبته: الحبس ونحوه. هامش كاشف لقمان.
(٣) أي: التخصيص بالمفهوم.
(٤) لأن العلة في تحريم التأفيف هي الإكرام للوالدين وعدم تضييع الإحسان، والضرب منافٍ لذلك المعنى، لأنه إهانة.
(٥) فالدليل الدال على وجوب الزكاة فيها مخصص لعموم مفهوم «في السائمة زكاة» إذ يفهم منه أنه لا زكاة في المعلوفة مطلقاً: سواء كانت للتجارة أم لا.
(٦) في (أ): «وأما أقسام المعنوي».