مسألة: [تعارض العمومين، والعام والخاص:]
مسألة: [تعارض العمومين، والعام والخاص:]
  (ولا يصح) باتفاق العقلاء (تعارض العمومين في) حكم (قطعي(١)) والمراد: أن كلاً من ذينك العمومين المتناولين لذلك الحكم القطعي - قطعيٌّ متناً ودلالةً، لا متناً فقط. فأما في الاجتهادي(٢) فيصح، ويرجع إلى الترجيح، فيعمل بالحاصل فيه أحد وجوهه الآتية إن شاء الله تعالى.
  فإن تعذر الجمع والترجيح فالمختار الطرح لهما، ويرجع إلى غيرهما من الأدلة، وسيأتي.
  (ويصح) التعارض (في العام والخاص) وظاهره في حكم قطعي، والظني كذلك، ولا يخلو إما أن يُعلم تقارنهما، أو تأخر الخاص، أو تاخر العام، أو يجهل ذلك، إن عُلِمَ تقارنهما خُصِّص العام به عند أئمتنا $ والجمهور، وسواء كان العام قطعيًّا أو ظنيًّا، فيعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما عداه.
  وقال عبدالرحمن بن القاص(٣) من أصحاب الشافعي: يتعارضان فيما تناوله الخاص كالنصين، فيجب الترجيح أو الرجوع إلى دليل آخر إن أمكن، وإلا فالوقف.
(١) كمسائل أصول الدين التي يستدل عليها بالسمع، كالوعد والوعيد، ومسألة الشفاعة ونحو ذلك من القطعيات. مرقاة السيد داود ص ١٧٧ ط/الأولى.
(٢) أي: الحكم العملي عند الجمهور، كقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء ٢٣] مع قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء ٢٥] فالأولى عامة من حيث لم تفصل في تحريم الجمع بينهما في الاستمتاع بين الحرائر والإماء، وإن كانت خاصة من حيث تناولها للأختين فقط. والثانية عامة بالنظر إلى الأختين وغيرهما، خاصة من حيث لم تشمل الحرائر. قسطاس.
(*) وقد رجح قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} على ظاهر قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} لأنه أتى به لبيان الحكم وهو تحريم الجمع بين الأختين في الوطء، بخلاف قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فإنه لم يقصد فيه بيان الجمع، فيحرم الجمع بين الأختين ولو أمتين. مرقاة الوصول للسيد داود ص ١٧٧ ط/الأولى.
(٣) ابن القاص هو أبو العباس عبدالرحمن، وقيل أحمد بن أحمد الطبري ثم البغدادي شيخ الشافعية في طبرستان، (ت ٣٣٥ هـ).