الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[ورود المطلق والمقيد في حكمين مختلفين]

صفحة 540 - الجزء 1

[ورود المطلق والمقيد في حكمين مختلفين]:

  وإذا وردا (لا) في حكم كما ذكر، بل (في حكمين مختلفين من جنسين) سواء اختلف سببهما، نحو: «اهدِ بدنة عن القِران»، و «زكِّ سائمة عن النصاب»، أو اتحد، نحو: «اكسِ ثوباً عن الكفارة»، و «أطعم⁣(⁣١) طعام الملوك عن الكفارة» - لم يحمل المطلق على المقيد (اتفاقاً، إلا) أن يحمل عليه (قياساً) بالعلة الجامعة، فإن ذلك صحيح؛ لأنه أحد طرق الشرع المقررة، فيكون كتخصيص عام ليس محلاً للتخصيص بالقياس على عام هو محل للتخصيص، ويجيء هنا ما يذكر⁣(⁣٢) ثَمَّ من الدليل.

  (ولا) يحمل عليه أيضاً (حيث اختلف السبب واتحد الجنس) كقوله تعالى في الظهار: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}⁣[المجادلة ٣]، وفي القتل: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}⁣[النساء ٩٢]، فالجنس واحد، وهو الكفارة، والسبب مختلف، وهو الظهار والقتل - (على) القول (المختار) وظاهره الإطلاق، كما هو مذهب الحنفية، أي: سواء كان بجامع أم⁣(⁣٣) بغيره. قال في حواشي الفصول: لعله بناءً على أن القياس لا يجري في الكفارة، وعند أقل الشافعية أنه يحمل عليه، سواء كان بجامع أم بغيره. قال في حواشي الفصول: بناءً على أن تقييد أحدهما تقييد للآخر. وعند أئمتنا $، والمعتزلة، والأشعرية، وصُحِّح للشافعي: أنه إن قام دليل على الحمل من قياس أو غيره حُمل عليه، وإلا فلا، كالصوم في كفارة الظهار وكفارة اليمين، فإنه لما ورد في أحدهما التتابع دون الآخر، ولم نجد علة التقييد مشتركة بينهما - حمل كل منهما على ما ورد عليه⁣(⁣٤). وحجتهم على ذلك: أن الواجب حَمْلُ الكلام على ظاهره إلا لمانع،


(١) في (ج): «أو أطعم».

(٢) «ذكر» نخ.

(٣) في (أ) و (ج) و (د): «أو بغيره».

(٤) في (ج): «فيه».