الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه: [ما يستدعيه الحكم الشرعي، وأقسام خطاب الشرع]:

صفحة 54 - الجزء 1

  قلنا: لا دليل، فإن قالوا: الحكم في اللغة هو نفس الكلام لا مقتضاه.

  قلنا: لا نسلّمه، وإن سلّمناه فالنزاع إنما هو في الحكم الشرعي لا اللغوي.

  وبعد، فالمتعارف بين أهل الشرع ما قلناه، وإليه سبق أفهامهم عند الإطلاق، بل لو سألت المميز من العوام ما حكم الشرع في الخمر؟ لقال: الحظر، ولم يقل خطاب الله تعالى.

تنبيه: [ما يستدعيه الحكم الشرعي، وأقسام خطاب الشرع]:

  اعلم أن ذكر الحكم الشرعي يستدعي حاكماً، ومحكوماً فيه، ومحكوماً عليه، فالحاكم: الشرع اتفاقاً بين المسلمين⁣(⁣١). وكذا العقل عند أئمتنا $ والمعتزلة وبعض الفقهاء؛ لاستقلاله⁣(⁣٢) بمعرفة بعض الأحكام، كحسن شكر المنعم، وقبح الظلم، بالضرورة، وحسن الصدق الضار، وقبح الكذب النافع، بالاستدلال.

  وخالفت الأشعرية وبعض الفقهاء؛ ولذلك أنكروا التحسين والتقبيح العقليين، وحكموا بأن التكاليف كلَّها شرعيَّة، وأنه لا حُكْمَ قبل الشرع، فلا يُعَاقَبُ مُنكرُ الصانع الذي لم تَبْلُغْه دعوة النبوة، وسيأتي لذلك زيادة تحقيق ودَفْع للخصم.

  وينقسم خطاب الشرع المُعرِّف لعين المصلحة⁣(⁣٣) أو المفسدة⁣(⁣٤) إلى تكليفي، ووضعي.


= وإنما حكمها الخطاب الوارد. منه.

(١) خلافاً للبراهمة، فزعموا أنه لا حُكم إلا للعقل دون الشرع. هامش (أ).

(٢) أي: من غير نظر إلى الشرع. هامش (ب).

(٣) وهي ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل الواجب وترك القبيح، كالصلاة والزكاة والصوم والحج في التكليفي، والوقت والوضوء للصلاة، والأبوة لمنع القصاص - في الوضعي. الدراري المضيئة.

(٤) وهي ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل القبيح وترك الواجب، كقطع الرحم في خطاب التكليف، والزنا في خطاب الوضع. الدراري المضيئة.