الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

حقيقة النسخ

صفحة 567 - الجزء 1

  إنها نسخت عنه، مع أن الإزالة قد حصلت. وأيضاً فإن له في عرف أهل الشرع شرائط لم يعتبرها أهل اللغة.

  قال الإمام المهدي #: فعلى هذا يكون من الحقائق الشرعية. قال الإمام الحسن #: بل من العرفية الخاصة؛ لأنه بوضع أهل الشرع لا بوضع الشارع.

  و (هو) في الاصطلاح: (إزالة مثل الحكم الشرعي بطريق شرعي مع تراخٍ بينهما).

  فقوله: «مثل الحكم» ليخرج البداء؛ إذ هو إزالة عينه؛ لأنه مستحيل في حق الله؛ إذ لا ينكشف له ما لم يكن قد علمه؛ لأنه عالم لذاته، أو عبث⁣(⁣١)، وهو أيضاً مستحيل عليه لقبحه، فلا بد مما يتمكن المكلف من الفعل قبل النسخ وإلا عاد على غرضه بالنقض، وإذا تمكن منه فقد خرج الأمر - مثلاً - عن كونه عبثاً، ثم إذا نهاه عن مثله في المستقبل علمنا أن مدة المصلحة فيه قد انقضت، فحسن نسخه حينئذٍ. وقوله: «الشرعي» احتراز عن الحكم العقلي؛ فإن إزالته بطريق شرعي ليس بنسخ، وذلك كالأدلة المبيحة لذبح الأنعام بعد أن كان محرماً بحكم العقل. وقوله: «بطريق» يشمل⁣(⁣٢) القطعي والظني. وقوله: «شرعي» ليخرج إزالته بالموت⁣(⁣٣). وقوله: «مع تراخ بينهما» ليخرج التخصيص⁣(⁣٤)، نحو: صل عند كل زوال إلى آخر الشهر.

  واعلم أن المراد بالإزالة: بيان انتهاء الحكم المذكور بما ذكر؛ فهو بيان لا رفع. ومعنى البيان: أن الخطاب الأول كان متعلقاً بالفعل


(١) لم يظهر على أي شيء يعطف قوله: «أو عبث». ولفظ القسطاس: ولم يقل: «إزالة عينه» إذ هو بداء وهو مستحيل في حق الله أو عبث، فهو في كلام القسطاس معطوف على «بداء».

(٢) في (ج): «شمل».

(٣) والنوم والجنون والغفلة. مرقاة الوصول للسيد داود.

(٤) لأنه لا يعتبر منه التراخي.