الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الفرق بين النسخ والبداء]

صفحة 569 - الجزء 1

  الرابع: تغير المصلحة من المنسوخ إلى ناسخه.

  واتفق المسلمون على جوازه عقلاً، وعلى وقوعه شرعاً، قيل: لأن الشرائع بحسب المصالح، وهي تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والأزمنة والأمكنة.

  قلت: وهذا مبني على أن الشرائع مصالح وألطاف.

  وعلى القول بأنها شكر - كما هو المعتمد - يقال: لأن لله أن يستأدي شكره بما شاء من الشرائع، ولا مانع.

  وأنكره شذوذ مطلقاً، والأصفهاني في القرآن.

[الفرق بين النسخ والبداء]:

  نعم، والفرق بينه وبين البداء: أن البداء لغة: الظهور، واصطلاحاً: رفع عين الحكم المأمور به مع اتحاد الآمر والمأمور، والمأمور به، والوجه، والقوة، والفعل، والزمان، والمكان، كأن يقول زيد لعمرو: صلِّ غداً وقت الزوال ركعتين عبادة لله في مقام إبراهيم، ثم ينهاه على هذا الحد. فإن انخرم قيد فليس ببداء⁣(⁣١).

  والنسخ: بيان انتهاء الحكم.

  ولا يجوز البداء على الله تعالى، خلافاً لبعض الإمامية؛ لأنه يؤدي إلى الجهل.

  وأنكرت اليهود النسخ⁣(⁣٢)؛ لاعتقادهم توقفه على البداء. وليس كما زعموا؛ لأن البداء رفع عين الحكم، والنسخ: بيان انتهاء الحكم. وهو عند أكثرهم ممتنع عقلاً وشرعاً، وعند بعضهم شرعاً فقط. وجوزه بعضهم عقلاً و شرعاً.


(١) نحو أن يرفع غير الحكم المأمور به فيقول لعمرو بعد أمره بالصلاة ركعتين لا تضرب زيداً، ونحو عدم اتحاد المأمور، أو الزمان، أو المكان ... إلخ.

(٢) أي: نسخ الشرائع.