الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[نسخ مفهوم الموافقة]

صفحة 574 - الجزء 1

  «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، نكالاً من الله»، وحكمه ثابت، وإن خصص بالإحصان. والحكمُ دون التلاوة، كنسخ آية السيف وهي قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة ٥] - لآيات كثيرة⁣(⁣١)، وتلاوتها باقية، حتى قيل: إنها نسخت مائة وأربعاً وعشرين آية، وقيل: نيفاً وثلاثمائة آية. ومن المنسوخ بها قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}⁣[المائدة ١٠٥]، {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}⁣[الأنعام ٦٨]، {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ}⁣[الصافات ١٧٨]، {فَذَرْهُمْ}⁣[الزخرف ٨٣]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا}⁣[النحل ١٢٦].

  وخالف بعضهم في الجواز⁣(⁣٢).

  لنا: أنا نقطع بالجواز، فإن جواز تلاوة الآية حكم من أحكامها، وما تدل عليه من الأحكام حكم⁣(⁣٣) آخر لها، ولا تلازم بينهما، وإذا ثبت ذلك فيجوز نسخهما أو نسخ أحدهما، كسائر الأحكام المتباينة؛ إذ المعتبر المصلحة⁣(⁣٤) كما سبق، وقد تكون⁣(⁣٥) كذلك. ولنا أيضاً: الوقوع كما مرّ، وإنه دليل الجواز.

[نسخ مفهوم الموافقة]:

  مسألة: (ومفهوم الموافقة) يجوز نسخه (مع أصله) اتفاقاً، كالتأفيف والضرب (وأصله دونه(⁣٦)) على المختار، خلافاً للإمام يحيى # وأبي الحسين وغيرهما (وكذا العكس) وهو نسخه دون أصله، فإنه جائز (إن لم يكن فحوى)


(١) وهي الآيات التي فيها الصفح - والاعراض عنهم.

(٢) أي: في جواز نسخ التلاوة دون الحكم والعكس فقال: لا يجوز.

(٣) في (أ): «معنى».

(٤) فإذا انقضت المصلحة في الحكم، والمصلحة في التلاوة باقية صح نسخ ما انقضت فيه دون ما بقيت فيه، وكذلك إذا انقضت المصلحة في التلاوة دون الحكم. مرقاة الوصول للسيد داود.

(٥) في (ج): «يكون».

(٦) أي: ويجوز نسخ أصل المفهوم الذي ثبت هو به، كنسخ تحريم التأفيف دون الضرب.