مسألة: [الطرق الصحيحة إلى العلم بالناسخ من المنسوخ:]
  أو حالة) متقدمة، فيسند أحدهما إليها(١)، ويسند نقيضه(٢) في الغزاة أو الحالة المتأخرة، نحو: نزلت هذه الآية في غزوة بدر، وتلك في غزوة أحد، وهذه في خامسة الهجرة، وتلك في سادستها (فيعمل بذلك(٣) في المظنون(٤) فقط) دون المعلوم؛ لئلا يؤدي إلى ترك القاطع بظني، وهذا (على المختار) وهو(٥) مذهب أبي الحسين. وقال القاضي: بل يعمل به مطلقاً(٦)، والأول أصح؛ لأنه إذا قُبِلَ خبر الواحد في كون هذا متقدماً وهذا متأخراً، وعملنا بالمتأخر - كان الناسخ في الحقيقة هو خبر الواحد؛ إذ لولاه لما وقع نسخ.
  نعم، أما قول الصحابي: «أعلم أن هذا منسوخ» فقد ذكر في الفصول أنه يقبل في المظنون دون المعلوم، لا إذا قال: «نُسخ كذا بكذا» فلا يقبل فيهما عند الجمهور، لأنه قد بين لنا الناسخ، وأحال الأمر إلينا في كونه ناسخاً، ولم(٧) يتحمل عهدة في حقنا. وقال الإمام يحيى #، والحفيد: يُقبل في المظنون.
  فأما إذا قيل: «نسخ كذا» أو «هذا منسوخ»، من دون ذكر ناسخ - فمقبول عند الكرخي وأبي عبدالله فيهما، وغير مقبول عند المنصور بالله # والقاضي وأبي الحسين والشيخ فيهما(٨)، وهو الذي اختاره المهدي #؛
(١) أي: إلى الغزاة أو إلى الحالة المتقدمة.
(٢) أي: ونقيض ذلك الحكم يكون في الغزاة أو الحالة المتأخرة ..
(٣) ومعنى يعمل بذلك أي: بما غلب في ظننا لأجل تلك الأمارة أنه الناسخ، وبترك ما ظننا أنه المنسوخ. وأما في المعلومين فلا يعمل بذلك؛ لأنه يؤدي إلى إبطال حكم القطعي بأمر بظني. بيان ذلك: أن أي المتواترين حكمت بتقدمه فقد أسقطت حكمه، وحكمه كان متيقناً، ولم يسقط بأمر متيقن؛ لأن سقوطه فرع على ثبوت تقدمه، وثبوت تقدمه لم يتيقن، بل غلب الظن به، فقد أسقطت القطعي بالظني. مرقاة السيد داود ص ٢٥٢ ط/الأولى.
(٤) أي: في الحكم المظنون.
(٥) في (ج): «وهكذا».
(٦) أي: في المظنون والمعلوم.
(٧) في (ج): «ولا».
(٨) أي: في المظنون والمعلوم.