الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الأحكام الشرعية]

صفحة 58 - الجزء 1

  على الحرام، وعلى ترك الأولى كالمندوبات، فيقال: ترك الوتر مكروه مثلاً.

  (والمباح: ما لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا تركه). قال في الفصول: والمباح: ما لا يستحق عليه مدح ولا ذم.

  فإن قلت: ما بال المصنِّف عدل عن ذِكْر المدح والذمِّ إلى الثواب والعقاب في الحدود⁣(⁣١)؟

  قلت: عدوله لنُكتةٍ، وهي أن يقال: إن أردتم استحقاق ذم الشارع بنصِّه عليه فلا يوجد في الجميع؛ إذ لا نَصَّ في كل واجب. أو بنص أهل الشرع فدور؛ لأنه إذا عُرِّف⁣(⁣٢) بذمِّهم - وهم لا يذمُّون ما لم يعرفوا الوجوب، ولا يُعْرف⁣(⁣٣) الوجوب ما لم يُعْرف الذم - كان دوراً. أو ذم العقلاء فكذلك يلزم الدور؛ إذ لا يذمُّون على ترك كثير من الواجب الشرعي ما لم يعرفوا الوجوب، ولا يعرفون الوجوب ما لم يُعرف⁣(⁣٤) الذم.

  ويرادفه الحلال والطلْق، وكذا الجايز. وقد يطلق على غير المحظور.

  واعلم أنه ليس مأموراً به⁣(⁣٥) عند أئمتنا $ والجمهور، وخالف أبو القاسم البلخي.

  قلنا⁣(⁣٦): إن الأمر طلب يستلزم الترجيح للفعل على الترك، ولا ترجيح في المباح من جهة الشرع، بل وجوده وعدمه بالنظر إلى الشرع سواء.


(١) أي: في حد الواجب، والمندوب، والمكروه، والمباح.

(٢) أي: حُدَّ. هامش (أ).

(٣) في (ب): وهم لا يعرفون الوجوب ما لم يعرفوا الذم.

(٤) في (ج): يعرفوا.

(٥) معنى كونه غير مأمور به أن الله تعالى لا يريده منا حتماً، لا أنه لم يرد الأمر به؛ إذ قد ورد في قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا}، وقوله تعالى: {فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}⁣[الجمعة ١٠]، وقوله تعالى: {وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}⁣[الجمعة ١٠]. مرقاة الوصول للسيد داود ص ١٢٠ ط ١ مركز الإمام عز الدين بن الحسن (ع).

(٦) عبارة المنهاج: نعلم أن الأمر ... الخ.