الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه: [أسباب الاختلاف في الاجتهاد]

صفحة 607 - الجزء 1

  فمعذور؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}⁣[الأحزاب ٥]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان».

  ثم أورد بعد ذلك سؤالاً، وهو لو أن مُجتهدَيْنِ من العترة $ اختلفا في شيء، فرأى أحدهما تحريمه والآخر وجوبه، إن قلت: يلزم كل واحد منهما القيام بما رآه واجباً عليه من الفعل أو الترك صوبتهما، وإن قلت بخلاف ذلك فما يلزم كل واحد منهما؟

  وأجاب عنه: بأنهما إن علما جميعاً اختلافهما، أو علم أحدهما - وجب عليهما أو على العالم منهما إعادة النظر في دليليهما؛ إذ لا بد من راجح يرجعان إليه أو إلى غيره إن عَدِمَ المرجح، وإن لم يعلما وجب على كل و احد منهما العمل بمقتضى ما رآه، لا لأنهما مصيبان معاً، بل لإصابة الحق في حق المصيب، ولاتقاء التجاري على الله تعالى بالإخلال بما يرى وجوبه في حق المخطئ، كمن يقسم في الليالي والقيلولة لمنكوحة في العدة جهلاً؛ إذ لا خلاف في وجوب القسمة لها ما دام جاهلاً، وفي أنه غير مصيب في حقيقة الأمر.

تنبيه: [أسباب الاختلاف في الاجتهاد]

  ومنشأ الاختلاف⁣(⁣١) من قبيل اشتراك لفظ⁣(⁣٢)، أو حقيقة ومجاز⁣(⁣٣)، أو عموم وخصوص⁣(⁣٤)، أو إطلاق وتقييد⁣(⁣٥)، أو رواية⁣(⁣٦)، أو نسخ⁣(⁣٧)، أو قياس⁣(⁣٨)،


(١) في (أ): «الاختلافات».

(٢) كثلاثة قروء، فالقرء يحتمل الطهر والحيض.

(٣) كالنكاح يحمله بعضهم على الوطء حقيقة، وعلى العقد مجاز، والبعض يعكس.

(٤) فيحمل أحد المجتهدين اللفظ على العموم والآخر على الخصوص. دراري مضيئة.

(٥) كتقييد الرقبة بالإيمان في آية، وإطلاقها في أخرى، فيرى أحدهما التقييد، والآخر عدمه. دراري.

(٦) كرفع وإسناد، ونحو: أن يكون أحدهما لا يقبل الارسال والآخر يقبله. المصدر السابق.

(٧) فيحكم المجتهد بأن هذا منسوخ فلا يعمل به، والآخر بأنه ثابت فيعمل به. دراري مضيئة.

(٨) فيقيس هذا المجتهد، وهذا يرى عدم القياس في هذه الصورة. المصدر السابق.