مسألة: [الأولى من المجتهدين بالتقليد]:
  أنه يجب عليه أن (يتحرى الأكمل) علماً وورعاً مع التفاوت فيهما (إن أمكنه) فإنه يتبع الأعلم الأورع. أو في الورع مع التساوي في العلم فإنه يتبع الأورع، قيل: اتفاقاً، وفي العلم(١) مع التساوي في الورع فإنه يتبع الأعلم. وقال أبو طالب #، والبلخي، وأبو الحسين، والقاضي، والباقلاني، وبعض المتأخرين: لا تعتبر الأفضلية، بل له أن يقلد المفضول.
  قال الإمام الحسن #: والأقرب أن اعتبار الأفضلية إنما هو في علماء بلدته وبريتها(٢) فقط، حيث لم يشعر بقول الأفضل من غيرهم وقت الحاجة إلى العمل. وهذا قريب مما ذكره المؤيد بالله # ومن معه، ومثله ذكره المصنف في شرح الأثمار.
  قلنا: إن أقوال المجتهدين بالنسبة إلى المقلد كالأدلة بالنسبة إلى المجتهد، فإذا تعارضت لا يصار إليها تحكماً، بل لا بد من الترجيح، وما هو إلا بكون قائله أفضل اتفاقاً، فيجب تقليده دون غيره؛ ليقوى(٣) ظن الصحة(٤)، كالمجتهد فإنه يجب عليه اعتماد الأرجح.
  (و) من جملة المرجحات الحياة، فإن تقليد (الحي أولى من الميت) وإن كان يصح تقليد الميت مع وجود الحي، على ما ذكره الإمام المهدي # وغيره.
  وقيل: العكس.
  لنا: الطريق إلى معرفة كماله أقوى من الطريق إلى معرفة كمال الميت، والعمل بما طريقه أقوى أرجح، وأيضاً فإن تقليد الميت قد خالف فيه بعض علمائنا وبعض الأصوليين، فقالوا بالمنع، وقال أبو طالب # وبعض المتقدمين:
(١) أي: إذا كان التفاوت في العلم.
(٢) البرية: الخلق.
(٣) في الفصول والقسطاس والمعيار: ليقوي.
(٤) أي: لفتواه.