التقليد
  إنه يجوز تقليده إن قلده في حياته ثم استمر بعد وفاته، والمتفق عليه أَوْلى من المختلف فيه، وإن كان الدليل ظاهراً في جواز تقليد الميت، وهو(١) إجماع المسلمين الآن عليه.
  بيان ذلك: عمل الأمة في كل قُطْر بمذهب الأئمة كالهادي #، وأبي حنيفة، والشافعي، متكرراً شائعاً من غير نكير، فكان إجماعاً.
  قلت: الأولى على مقتضى الوجهين(٢) السابقين أن يكون المراد بالأولوية الوجوب، كما في الأعلم والأورع، وسيأتي، وقد ذكر المصنف في شرح الأثمار ما يدل على ذلك.
  نعم، وقد يكون الميت أرجح من الحي، وذلك حيث كان الميت في أعلى درجات العلم والورع، أو من أهل البيت $، والحي ليس كذلك.
  ومن جملة المرجحات: زيادة العلم والورع، أو زيادة أحدهما مع الاستواء في الآخر، كما مرّ.
  (و) إن كان بعضهم أعلم وبعضهم أورع فالمختار أن (الأعلم أولى من الأورع). وقال المؤيد بالله #: بل الأورع أولى.
  لنا: الظن بصحة قوله أقوى؛ لقوة معرفته بالمسألة وطرقها، فيكون تقليده أرجح مع كمال عدالته.
  نعم، وقد يكون الأورع أولى من الأعلم، وذلك حيث زيادة علم الأعلم قليلة، وزيادة ورع الأورع كثيرة، فالأورع حينئذٍ يكون أولى من الأعلم بالتقليد(٣)؛ لقوة الظن بصحة قوله؛ لشدة احتياطه فيما يفتي به.
(١) أي: الدليل على جواز تقليد الميت.
(٢) وهما قوله في الجواب السابق: قلنا: الطريق إلى معرفة كماله ... إلخ. وقوله: وأيضاً فإن تقليد الميت قد خالف فيه بعض علمائنا ... إلخ. من (أ).
(٣) في (أ): «بالتقليد له».