الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

التقليد

صفحة 626 - الجزء 1

  هذا، وإن استوى المفتون فيما تقدم على بُعده - لامتناعه - فالمختار أنه مخيّر، وسيأتي. (و) من جملة المرجحات كون المقلَّد من أهل الحِلِّ والعَقْد من (الأئمة) فالأئمة (المشهورون) من أهل البيت $ (أولى من غيرهم) ونعني بأهل الحلِّ والعقد: من اشتهر بكمال الاجتهاد وسائر خصال الفضل، سواء كان ممن قام ودعا - كزيد بن علي والقاسم والهادي $ - أم لا، كزين العابدين⁣(⁣١) و الباقر⁣(⁣٢) والصادق⁣(⁣٣) $. وإنما كانوا أولى من غيرهم؛ لِمَا ورد فيهم من الادلة، نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب]، وكآية المودّة، وكحديث⁣(⁣٤) الكساء، وحديث: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»، ونحو حديث السفينة المشهور: «أهل بيتي كسفينة نوح: من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى»، وغير ذلك مما لا ينحصر من الآيات والأخبار الصحيحة المتواترة معنى، وقد تقدم شرذمة من التحقيق فيه. ولعصمة جماعتهم، وزيادتهم علماً وورعاً، وتنزُّههم عما روي عن غيرهم من الفقهاء الأربعة، من نحو إيجاب القدرة⁣(⁣٥) كما روي


(١) هو الإمام السجاد زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $، وكان أفضل أهل زمانه وأعلمهم، وعلماء الأمة مجمعون على فضله وعلمه وعبادته وورعه، مناقبه كثيرة، (ت ٩٢ هـ، وقيل: ٩٤ هـ، وقيل ٩٥ هـ).

(٢) هو أبو جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب #، (ت ١١٨ هـ)، ودفن بالبقيع.

(٣) هو أبو عبدالله جعفر الصادق بن محمد الباقر $ أحد السادة الأعلام روى عنه مالك والثوري وابن عيينه ويحيى القطان، قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه منه (ت ١٤٨ هـ).

(٤) في (أ) و (ب) و (ج): «وكأحاديث».

(٥) أي: إيجاب القدرة لمقدورها؛ لأن ذلك يستلزم الجبر من حيث إنه يلزم أن لا يتعلق الفعل بالقادر، ولا ينسب إليه، بل إنما يتعلق بفاعل القدرة لأنها موجبة له وسبب فيه، وفاعل السبب فاعل المسبب. كاشف لقمان.