مسألة: [بماذا يصير العامي ملتزما]:
  هذا، وقد قال بعض أئمتنا $ والفقهاء والأصوليين: إنه يجوز للملتزم الانتقال مطلقاً، بناءً على أن التقليد كالاستفتاء لا كالحكم. وقيل: يحرم فيما اتصل به عمل دون غيره. وقال بعض أئمتنا $(١): يجوز في علماء العترة فقط.
  قلنا: إن أقوال المجتهدين في حق المقلد كالحجج المتعارضة عند المجتهد، فيكون مخيراً في العمل بأي أقوالهم، فإذا التزم قول واحد منهم صار كالمجتهد بعد الاجتهاد، حيث يحرم عليه الانتقال إلى غير ما أداه إليه اجتهاده من دون مرجح، فكذا يحرم على الملتزم الانتقال عما التزمه من دون مرجح؛ لما يؤدي إليه ذلك من اتباع الهوى والتهور في الشهوات، وذلك انسلاخ عن الدين، كما روي عن المنصور بالله # وغيره.
  وقال في الفصول: يحرم الأخذ بالأخف اتباعاً للهوى إجماعاً.
  ومرجع الفرق بين تتبع الرخص للهوى أو لاتباع المفتين إلى القصد، وهو خفي(٢)، وفاعل ذلك مخطئ لا فاسق(٣) في الأصح، وقولُ المنصور #: تتبع الرخص زندقة متأولٌ(٤).
مسألة: [بماذا يصير العامي ملتزماً]:
  (ويصير) العامِّيُّ مقلِّداً (ملتزماً لمذهب الإمام) جملة أو في حكم معين (بالنية) فقط، وهي: العزم على العمل بمذهبه في حكم أو في جميع مسائله. (وقيل: بها مع لفظ) بأن يقول: قد التزمت قول فلان في كذا، أو في كل مسائله(٥)
(١) كالإمام علي بن محمد # صاحب النمرقة الوسطى، والإمام يحيى بن حمزة # في بعض فتاويه. مرقاة الوصول للسيد داود.
(٢) لأنه من الأمور الباطنة.
(٣) لعدم ورود دليل قطعي على فسقه. الدراري المضيئة.
(٤) بأن ذلك إذا كان للتهاون بالشريعة أو نحو ذلك، ولا يخفى ما في هذا التأويل من التعسف. الدراري المضيئة.
(٥) في (ج): «أو في كل مسألة من مسائله».