[الترجيح بين القياسين حكم الأصل]
  (و) ترجح العلة (المناسبة على) علة (الشبه)(١) وأنت خبير بأن الوجهين الأخيرين قد دخلا في قوله: «أو طريق كونها علة» كما بينا. ومن قوله: «ويرجح الوصف الحقيقي» مرجحات باعتبار صفة العلة، لا طريقها؛ ولهذا أعاد لفظ يرجح، ولم يكتفِ بحرف العطف.
  هذا، وترجح المفردة على المركبة، وما قلّ تركيبها على ما كثر؛ للخلاف في المركبة. والظاهرة والمنضبطة على خلافهما، وهي الخفية والمضطربة(٢).
  قيل: والضرورية على الاستدلالية. والمختار: منعه؛ إذ لا ترجيح بين القطعيات. وإن اختلفت جلاء وخفاء.
  وترجح المتعدية على القاصرة؛ للخلاف في القاصرة. والضروريات الخمس(٣) ومكملاتها على الحاجِّية والتحسينية. والحاجِّية على التحسينية(٤)؛ لتعلق الحاجة
(١) مثاله: الخل مائع رقيق طاهر منق فتطهر به النجاسة كالماء، فيقول الآخر: طهارة للصلاة فيتعين لها الماء، كالوضوء فإن الأول شبه. المصدر السابق.
(٢) مثال المنضبطة: تعليل رخصة الجمع بالسفر، والمضطربة: تعليل رخصة الجمع بالمشقة. منهاج الوصول.
ومثال الظاهرة: تعليل النية في الوضوء بكونه طهارة يراد بها الصلاة، فهي أظهر من التعليل بكونه عبادة. منهاج الوصول.
(٣) وهي ضرورة حفظ الدين، وضرورة حفظ النفس، وحفظ النسل، وحفظ العقل، وحفظ المال، وهذه أمثلة لها:
١ - ضرورة حفظ الدين: صبي مسلم فلا يجوز أن تحضنه الكافرة كما لو كان عاقلا.
٢ - ضرورة حفظ النفس: أن يقال في بيع الحاكم على المحتكر: أخذ ماله كرهاً لدفع ضرر عام فيجوز كالإكراه في الشفعة.
٣ - ضرورة حفظ النسل: أن يقال في صغيرة يجامع مثلها إذا طلقت ثلاثاً فولدت لستة أشهر مثلاً: معتدة يحتمل أنها كانت حاملة منه، ولم تقر بانقضاء العدة، فلا يثبت انقضاء عدتها كما لو وضعت لأقل من ستة أشهر مثلاً، أو كالكبيرة المعتدة بالأشهر إذا لم تقر.
٤ - ضرورة حفظ العقل: النبيذ شراب يستضر الشخص بشربه فيحرم كالخمر.
٥ - ضرورة حفظ المال: كما يقال في ضمان السارق: تلف عنده مال كان يجب عليه رده إلى صاحبه فيضمنه كما لو استهلكه. القسطاس ومرقاة الوصول ص ٥٨٧.
(٤) مثاله في تزويج الفاسق: «زوجها أبوها فيصح كغير الفاسق، فيقول الخصم: ولاية فلا تليق بالفاسق كالكافر. مرقاة الوصول للسيد داود.