الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الخلاف في تعلق الوجوب بوقت الواجب الموسع]

صفحة 66 - الجزء 1

  إذ هو⁣(⁣١) كونه شكراً عندهم؛ لقوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا}⁣[سبأ ١٣].

  نعم، وقد ذهب جمهور الشافعية إلى أنه متعلق بأوله، وخرجه أبوطالب # للهادي #. واختلفوا فيما فُعِلَ في آخره، فقيل: قضاء، وقيل: أداء، وهو وقت تأدية لا وجوب.

  وذهبت الحنفية، وروي عن القاسم # إلى أنه يتعلق بآخره، ثم اختلفوا فيما فُعِلَ في أولِّه، فقيل: نفل يسقط به الفرض. وقيل: واجب معجّل.

  وقال الكرخي⁣(⁣٢): موقوف على آخره، فإن بَلَغَه المكلف ففرض، وإنْ لم يبلغه أو سقط تكليفه قبله فنفل⁣(⁣٣).

  والحجة لنا على أن الوجوب متعلق بجميع الوقت من دون تخصيص وجهان:

  أحدهما: أنه لا وجه لتخصيص أولِّه وآخره؛ لتعلق الأمر به على سواء، فإن قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}⁣[الإسراء ٧٨] يتناول ما بين دلوك الشمس وبين الغسق تناولاً واحداً، على وجه واحد، فتخصيص أحد الطرفين تحكُّمٌ.

  قال في الجوهرة: فإن الآية - كما ترى - لم تَعرَّض للتعيين بأول الوقت ولا بآخره، فيكون بتجرده⁣(⁣٤) عنه⁣(⁣٥) بمثابة المرسل⁣(⁣٦)، فكما لا يجوز التحكم في المرسل كذلك هاهنا، فإما أن يتعلق الوجوب بالوقت معاً فهو


(١) أي: وجه شرعية الحكم الشرعي.

(٢) الكرخي: هو أبو الحسن عبدالله بن دلال أصولي مشهور - ولد بكرخ (ت ٣٤٠ هـ).

(٣) قال في هامش (ب): والخلاف إنما هو في الأوقات الاختيارية لا الاضطرارية، أشعر بهذا الكلام الإمام المهدي #. قسطاس.

(٤) «فتكون مجردة». نخ.

(٥) أي: عن التعيين.

(٦) أي: الأمر المطلق. هامش (أ) و (ب).