الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [وجوه الترجيح بين الحدود السمعية]:

صفحة 672 - الجزء 1

  والذاتي: هو ما لا يُتصوّر فهم الذات قبل فهمه، فلو قدر عدمه في العقل لارتفع الذات، كاللونية للسواد، والجسمية للإنسان.

  والعرضي: ما يُتصوّر فهم الذات قبله، كالفردية للثلاثة، والحدوث للجسم. وكالترجيحِ للحد (بكون ألفاظه أصرح) من ألفاظ الآخر، فما ألفاظه صريحة يرجح على ما فيه تجوّز⁣(⁣١)، أو استعارة، أو اشتراك، أو غرابة، أو اضطراب.

  (أو) كون (المعرف فيه) أي: في أحدهما (أعرف)⁣(⁣٢) منه في الآخر، فيكون إلى التعريف أقرب، وذلك بأن يكون المعرف في أحدهما شرعيًّا، وفي الآخر حسيًّا أو عقليًّا، أو لغويًّا، أو عرفيًّا، فالحسي أولى من غيره، والعقلي من⁣(⁣٣) العرفي والشرعي، والعرفي من الشرعي.

  (و) كترجيح أحدهما (بعمومه)⁣(⁣٤) على الآخر؛ إذ الأعم يتناول ذلك وغيره، فتكثر الفائدة. وقيل: عكسه⁣(⁣٥)؛ للاتفاق عليه؛ لتناول الحدين له، بخلاف الباقي فإنه مختلف فيه، والمتفق عليه أولى.

  (و) منها: ما هو باعتبار أمر خارج، كالترجيح لأحدهما (بموافقته النقل السمعي أو اللغوي)⁣(⁣٦) فما كان على وفقهما ومقرراً لوضعهما قُدِّم على الآخر


(١) مثاله ما يقال في الجنابة: «حدوث صفة شرعية في الإنسان عند خروج المني، أو عند سببه - أي: التقاء الختانين - تمنع من قراءة القرآن لا الصوم»، مع قول الآخر: «الجنابة خروج المني على وجه الشهوة»، فإن الأول أولى من الثاني؛ لأن الثاني من قبيل التجوز؛ إذ يسبق إلى الوهم أن يكون المني جنباً، وإنما الجنب صاحبه. هامش القسطاس.

(٢) مثاله: قول بعضهم - وهو الحنفي والشافعي والأكثر -: الحوالة نقل دين من ذمة إلى ذمة، مع قول الآخر: هي ضم الذمة إلى الذمة في الدين؛ إذ الأول أشهر. هامش كاشف لقمان.

(٣) أي: أولى من العرفي والشرعي.

(٤) مثاله ما يقال في الخمر: هو ما أسكر، مع قول الآخر: هي التي من ماء العنب إذا أسكر، فالأول أعم؛ لاقتضائه أن كل مسكر يسمى خمراً، فكان أرجح. شفاء غليل السائل.

(٥) في (ب): «بل عكسه».

(٦) مثاله: «الخمر ما أسكر» فإنه موافق لقول الشارع: (كل مسكر حرام) وللغة أيضاً؛ لأن معناه فيها ما خامر العقل، وهو معنى الإسكار، مع قول الآخر: هي التي من العنب إذا أسكر، فإنه لا يوافق أيهما. هامش (أ).