الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدعوى والمذهب والاستدلال والنظر]

صفحة 81 - الجزء 1

  (وقد يسمَّى) ما يحصل عنده الظن (دليلاً توسعاً) أي: تجوزاً. ولعلَّه يعني عند المتكلمين، أما عند الأصوليين والفقهاء فشموله للظني من باب الحقيقة.

  واعلم أنه يمتنع معرفة ما لا يدرك بالضرورة بغير دليل. والمدرك ضرورة لا يحتاج إلى دليل، وإن ذكر فعلى سبيل البيان له، لا للحاجة إليه، وسيأتي بيانهما.

[الدعوى والمذهب والاستدلال والنظر]:

  ثم⁣(⁣١) إن الدعوى أخص من المذهب؛ لأنه المعلوم أو المظنون صحته بالدليل، وإن لم يكن ثَمَّةَ خصمٍ منازع. والدعوى: هي كذلك مع خصم منازع، فَمَن ذكر شيئاً لم ينصب دليلاً عليه - وهو استدلالي - قُطِعَ ببطلانه إن كان من شأنه أنه لو كان لظهر لجميع العقلاء، كمن يدعي صنماً إلهاً، أو لأهل الملة، كمن يدعي صلاة سادسة؛ للقطع بعدم الدليل. وإن لم يكن ذلك من شأنه - كالقول بتحريم أجرة الحجَّام - وجب الوقف حتى يظهرَ دليل إن كان؛ لجواز أن يطَّلع عليه البعض ويعزُب عن غيره، أو يظهر عدمه إن لم يكن.

  قال في الورقات: والاستدلال: طلب الدليل.

  وذكر الإمام المهدي # أنه في أصل وضعه عبارة عن ذكر الدليل. قال: وهذا اتفاق.

  قال في الأساس: والاستدلال: التعبير عمَّا اقتفيَ أثُره وتُوصِّل به إلى المطلوب. ويسمَّى ذلك التعبير دليلاً وحجة إن طابق الواقع ما توصل به إليه، وإلّا فشبهة. والنظر: الفكر⁣(⁣٢) المطلوب به علم أو ظن.


(١) لفظ المنهاج: اعلم أن الناظر إذا عبّر عما وقع في نفسه عقيب النظر فتلك العبارة إما دعوى أو مذهب، فالدعوى: هي الخبر الذي لا تعلم صحته ولا فساده إلا بدليل مع خصم منازع في مضمون الخبر، والمذهب كالدعوى، إلا أنه لا يعتبر فيه الخصم المنازع، بل يثبت مذهباً وإن لم يكن ثَمّ منازعة. منهاج نقلاً من مرقاة الوصول للسيد داود ص ٥٣٥ مركز الإمام عز الدين بن الحسن (ع).

(٢) الفكر: هو انتقال النفس في المعقولات بالقصد. قسطاس.