[الخلاف في العلم هل يحد أو لا]
[الخلاف في العلم هل يحد أو لا]:
  (و) أما (العلم) فقد اختلف فيه هل يُحَدُّ أو لا؟ فقيل: لا يُحد، وهو الذي رواه السيد حميدان عن الأئمة $، وهو مذهب غيرهم من العلماء، لكن اختلفوا: فمنهم من قال: لا يُحَدُّ لعُسره وخفاء جنسه وفصله، وهو مذهب الجويني والغزالي، قالا(١): وإنما يُعرَّف بتقسيم أو مثال، أمَّا التقسيم: فهو أن تميزه عما يلتبس به من الإدراكات، فيتميز عن الظن والشك بالجزم، وعن الجهل بالمطابقة، وعن اعتقاد المُقلِّد بأن الاعتقاد يبقى مع تغيّر المُعتَقَد ويصير جهلاً، بخلاف العلم. وأما المثال: فكالإبصار مثلاً، فكما أنه لا معنى للإبصار إلا انطباع صورة المُبْصَر في القوة الناظرة - كذلك العلم عبارة عن انطباع صورة المعقولات في العقل.
  وقال بعض الأوائل والرازي: بل إنما لم يُحَدّ لجلائه؛ لأنه ضروري؛ ولذا منعوا مناظرة السوفسطائية(٢).
  قال العلامة ابن أبي الخير: وهو ينبني على أن العلم بالعلم ضروريٌ كما هو رأي البغدادية(٣).
  وقد علّل السيد حميدان ¦ بمثل هذا، وزاد وجهاً ثانياً؛ لأنه قال في تنبيه الغافلين ما لفظه: قول الأئمة $: إنه أَبْيَنُ من أن يُفَسَّر بغيره، ومع ذلك فهو اسمٌ عامٌّ لأنواعٍ مختلفة المعاني، وكل اسمٍ كذلك فإنه لا يصح السؤال عن معناه حتى يُبَيِّنَ السائلُ أيها يريد، فإن لم يُبَيِّن كان سؤاله مُغالطةً(٤) وتعنتاً.
(١) في (أ): قالوا.
(٢) هم فرقة أنكروا اليقين في كل شيء من المشاهدات والمعقولات، وجعلوا كل ذلك بمنزلة ما يراه النائم، وكالسراب الذي يُخيّل أنه ماء. معراج.
(٣) البغدادية اسم يطلقه الأصوليون على إحدى مدارس المعتزلة، وقد ذكر أنه تزعمّها بشر بن المعتمر، وهم يميلون إلى التشيع.
(٤) في (أ): مغلطة.