[الخلاف في العلم هل يحد أو لا]
  وروى في الفصول عن أئمتنا $ والجمهور: أنه يُحَدُّ. قيل: وهو ينبني على أن العلم بالعلم مكتسب، كما هو رأي البصرية(١).
  وقد ذكر إمام زماننا - أيده الله - في الأساس حَدَّه فقال: هو اعتقاد جازم مطابق. قال #: وليس بجامع؛ لأن علم الله تعالى ليس باعتقاد، [قال:] ويمكن حده بما مر(٢).
  وأما المصنف فقد اختار في حده أن يقال: (هو المعنى المقتضي لسكون النفس إلى أن متعلقه كما اعتقده).
  قوله: «المعنى» يشمل جميع المعاني من الاعتقادات وغيرها بحسب الظاهر هنا.
  وقوله: «لسكون النفس ..» إلخ يخرج التبخيت والتقليد حيث يطابقان معتقديهما وحيث لا يطابقانه، لكنهما في الأخير(٣) جهل، وخُصَّا بهذه التسمية لمعنى آخر فإن حقيقة التقليد: اعتقاد الشيء لمُجرَّدِ أن الغير قال به؛ ولهذا لا نكون نحن مُقلِّدين للنبيَِ ÷ فيما جاء به؛ لأنا لم نعتقده لمجرَّد قولِهِ، بل للحُجَّةِ. وكذلك علماء المخالفين ليسوا مُقلِّدين لأسلافهم؛ لأنهم لم يعتقدوا(٤) ما قالوه لمجرد قولهم، بل للشُّبهة.
  وحقيقة التبخيت: هو اعتقاد الشيء هجوماً وخَبْطاً لا لأمر؛ فبهذا يفارقان الجهل. وقد عُرف خروج الجهل أيضاً؛ لعدم السكون كما سيأتي.
  وعدول المصنف عن الاعتقاد إلى المعنى فيه نظر مع قوله آخِراً: «كما اعتقده»؛ إذ لو قال: «كما تناوله» لكان ذلك ترجيحاً لقول أبي الهذيل:
(١) البصرية: اسم أطلقه المتكلمون على إحدى مدارس المعتزلة، وكان رئيس هذه المدرسة هو أبا الهذيل الملقب بالعلاف كما في بعض الروايات.
(٢) في أول هذا الكتاب، وهو قوله: وقد حده إمام زماننا - أيده الله - بأن قال: هو إدراك تمييز مطابق بغير الحواس، سواء توصل إليه بها أم لا. هامش (ب).
(٣) وهو حيث لا يطابقان.
(٤) في (ب) لم يصدقوا.