[تعريف الدليل وجملة مما يحتاج إليه من الألفاظ]
  إن الاعتقاد جنس برأسه ليس من قبيل العلم، كما يدل عليه كلام المؤلف في حد الاعتقاد.
  وقد قال القرشي في المنهاج: حد العلم في الاصطلاح: هو الاعتقاد الذي يكون معتقده(١) أو ما يجري مجراه(٢) على ما تناوله مع سكون النفس إليه. وذِكْرُ(٣) السكون والاعتقادِ مجازٌ، تشبيهاً(٤) بعقد الخيط والسكونِ المقابل للحركة، وإضافتُه إلى النفس قرينةٌ(٥) مُشْعِرةٌ بالمراد. لكن الحد مع ذكرهما لا يشمل علم الباري؛ فليس بجامع.
  قلت: وإذا فسرنا سكون النفس بالتفرقة بين ما نعلمه بالمشاهدة أو خبر النبي وبين ما يكون طريقه أخبار آحاد الناس - لم يكن لزيادة «على ما تناوله» في حد القرشي و «إلى أنّ مُتعلَّقه كما اعتقده» في حدِّ المصنف فائدة جديدة؛ لظهور خروج اعتقاد التقليد والتبخيت والجهل بقيد السكون، سيَّما زيادة المصنف، فإنه لم يحترز بها عن شيءٍ في ظنيٍ. وسيأتي في حَدِّ الاعتقاد زيادةُ إيضاح لما ذكرناه، والله أعلم.
  وقال الإمام المهدي # في حَدِّ العلم: هو الاعتقاد الذي لا يحتمل مُتعلَّقُهُ(٦) نقيضَ ما تناوله. قال: ويخرجُ من الاعتقادِ الشَّكُ والوهمُ، فإنهما مما لا اعتقاد ولا حكم للذهن فيه.
(١) يعني به: ما يكون أشياء كالذوات. هامش (ب).
(٢) يعني به: ما لا يكون أشياء كالصفات، والأحكام؛ لأنها معان فقط. هامش (ب).
(٣) في المنهاج: «ولفظ الاعتقاد والسكون ..» الخ.
(٤) عبارة المعراج: والعلاقة أن المعتقد كأنه عقد قلبه على ما اعتقده، والساكن النفس كأن قلبه سكن إلى ما اعتقده فلم يتحرك إلى غيره.
(٥) قال في المعراج شرح المنهاج: قوله: وإضافته إلى النفس ... إلخ يعني فلا يقال: لماذا حُدَّ بالمجاز مع أنه نقص في الحد؟ لأنا نقول: إنما يكون نقصاً إذا لم يقترن بقرينة موضحة للمراد منه، فأما إذا اقترنت به قرينة صار كالحقيقة، بل حقيقة عند بعضهم.
(٦) وهو طرفاه المسند والمسند إليه. مرقاة السيد داود ص ٥٣٥.