الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[وجه حصر الأدلة في الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاجتهاد]

صفحة 92 - الجزء 1

  نحو: {كهيعص}⁣[مريم ١] ونحوه، لا ما كان أوله لفظة تدل على معنى، نحو: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}⁣[الملك ١]، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ١}⁣[الأعلى]، ونحو ذلك. ولا⁣(⁣١) على وجه يقبح كالإخبار بالكذب، والأمر بالقبيح والنهي عن الحسن؛ لأن تجويز ذلك يسدُّ علينا الثقة بخطابه. ولا بما⁣(⁣٢) يريد به خلاف ظاهره من غير بيان⁣(⁣٣)، كما تقول المرجئة في آي الوعيد؛ لأنهم يجوِّزون شروطاً واستثناءات فيها مضمرة⁣(⁣٤) لا دلالة عليها، وكذلك ما تقول الواقفية في المتشابه نحو: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}⁣[المائدة ٦٤]، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبُّكَ}⁣[الرحمن ٢٧]، فيقولون: لا نعلم ما أراد الباري بذلك. وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله.

  وشروط الاستدلال بخطاب الرسول ÷: كذلك⁣(⁣٥)، وأنه لا يكتم ما أُمِرَ بتبليغه، ولا يُحرِّفُه ولا يُبدِّلُه؛ لأن ذلك يرفع الثقة به.

  وشروط الاستدلال بفعله ÷: معرفة شروط الاستدلال بالخطاب، وشروط التأسي، وعدم اختصاصه به ÷.

  وشروط الاستدلال بتقريره ÷: كون من أقرّه ممن يعتزي إلى المِلّة، ووقوع ما قرر عليه بعلمه ÷، وسواء كان بحضرته أو بغيرها - خلاف ما في الجوهرة والمعيار حيث اشترطا الحضور - وأن لا يُنْكره أحد؛ إذ لو أنكره لكان المُقَرّ الإنكار، لكن مع علمه بانكاره، فإن لم يعلمه فلا حجة.

  وشروط الاستدلال بالإجماع: معرفة شروط الاستدلال بالخطاب،


(١) معطوف على قوله: «لا يجوز أن يخاطب ..» إلخ، وهذا هو الشرط الثاني.

(٢) هذا هو الشرط الثالث.

(٣) لأن إرادة خلاف الظاهر من غير بيان إيهام و تغرير، مع كون اللفظ بالنسبة إلى ذلك المعنى المراد فمهمل، وذلك لا يجوز عليه تعالى. ح. غ. نقلاً من هامش الكاشف.

(٤) كقوله تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}، قالوا: التقدير إن أراد عذابهم، أو إلا أن يعفو عنهم، أو إن كانوا كفاراً.

(٥) أي: الشروط الثلاثة المتقدمة في خطاب الله تعالى، وزيادة شرط رابع، وهو قوله: «وأنه لا يكتم ..» إلخ.