الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[وجه حصر الأدلة في الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاجتهاد]

صفحة 94 - الجزء 1

  وإن⁣(⁣١) كانت المسألةُ ظنيةً انتقل أيضاً إلى طرق الشرع القطعية والظنية وتتبعها واحداً واحداً، الأقوى فالأقوى حتى يأتي عليها أجمع، فأولُّ ما يُقَدَّمُ منها الإجماع المعلوم، ثم نصوص الكتاب والسنة المعلومة، ثم ظواهرهما، كعمومهما، ثم نصوص أخبار الآحاد، ثم ظواهرها، كعمومها، ثم مفهومات الكتاب والسنة المعلومة على مراتبها، ثم مفهومات أخبار الآحاد، ثم الأفعال والتقريرات كذلك، أي: على مراتبها، فيقدم القطعي منها⁣(⁣٢) على المظنون، ثم القياس على مراتبه، ثم ضروب الاجتهاد، ثم إذا لم يجد شيئاً من ذلك رجع إلى قضية العقل، وكان ذلك حكم الحادثة.

  ويجب عليه البحث عن الناسخ والمخصص⁣(⁣٣) حتى يظن فقده، خلافاً للصيرفي⁣(⁣٤)، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

  ولا يجب عليه طلب النص في غير بلده؛ لأنه ÷ لم يُلزم معاذاً طلب النص منه من المدينة، مع العلم بأنه ÷ لو سئل عن الحكم لنص على جوابه، قال في حواشي الفصول: وقد روي هذا القول عن أبي الحسين.

  ولا يجب عليه أيضاً الإحاطة بجميع النصوص؛ لأنه ÷ قرَّر معاذاً على الاجتهاد عند أن لا يجد نصًّا، لا عند عدم النص، والفرق بينهما ظاهر.


(١) أي: وإذا كانت قضية العقل مشروطة، والمسألة ظنية.

(٢) سقط من (ج): «منها».

(٣) أي: إذا كان دليله نصاً لم يستدل به حتى يعلم أو يظن أنه غير منسوخ، ولا متأول بتأويل يخالف ظاهره، وإن كان عموماً فيبحث عن مخصصه حيث كان له مخصص، أما الصيرفي فحكي عنه أنه قال: لا يجب البحث عن ذلك، بل يستغني بما حضر في ذهنه. مرقاة الوصول للسيد داود ص ٥١٢.

(٤) الصيرفي هو محمد بن عبدالله أبو بكر الصيرفي الفقيه الأصولي، وهو من أهل العدل والتوحيد، (ت ٣٣٠ هـ).