مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[جواب الإمام المهدي على سؤال الإمام الهادي الحسن بن يحيى القاسمي في الطلاق البدعي]

صفحة 127 - الجزء 1

  العدة على ما أمر الله تعالى فمن طلق على غير عدة فقد عصى الله وفارق امرأته)، وقوله # (لو أصاب الناس معنى الطلاق ما ندم رجل على امرأة)، ولا يقع الندم إلا إذا وقع الطلاق، فلو فرضنا وقوع التعارض بين رواية أمير المؤمنين # ولم يمكن الجمع بتعميم ولا تخصيص ولا نسخ ولا تأويل ولا شيء من وجوه الترجيح، لكان الواجب إطراح الجميع ويصير الحال كأن لم يُروَ عنه شيء، وتبقى أحاديثنا الآخرة سليمة بل الأحاديث الجمة الغفيرة قاضية بذلك مع كثير من وجوه الترجيح لها، من كون القائل بها أكثر والروايات أشهر، وذلك من وجوه الترجيح كما لا يخفى.

  وأما الأشهاد على الطلاق: فالخلاف فيه أغمض، والقول به أخفى، ولم يجزه في البحر إلا الناصر #.

  ونقول أما الآية الكريمة: وهي قوله تعالى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}⁣[الطلاق/ ٢]، فالأكثر رجوعه إلى الرجعة، والقائلون برجوعه إلى الطلاق أو إليهما مختلفون أيضاً، فالأكثر على أنه للندب والإرشاد، فظهر كون الآية محتملة ولا احتجاج بمحتمل، وخبر أمير المؤمنين # آحادي مرجوح ولا يفيد في مثل هذه المسألة التي جرى عليها عمل العلماء في الأعصار، بل لم يرو ذلك عن النبي ÷ في قضية من القضايا الواردة عليه على كثرتها وتنوعها فلم يرو أمره بالإشهاد لمن علمه كيفية سُني الطلاق، ولا سؤاله عنه من مسألة عن وقوعه مع كونه في مقام التعليم، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وكذلك أخبار أمير المؤمنين ~ غير هذا الخبر وكذا غيره من الصحابة ثم التابعين، ثم من تبعهم إلى يومنا حتى صار كالإجماع سيما بعد الناصر #، فالخبر الآحادي لا يفيد في مثل هذه المسألة إذا كان مرجوحاً، بل يجب العمل بظواهر الآيات القرآنية، والأخبار النبوية، والآثار المروية، وعمل الأمة المحمدية، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى وبالله التوفيق.