[في امرأة المفقود]
[في امرأة المفقود]
  ما قولكم رضي الله عنكم: في امرأة الغائب وقد صح أن حصة الغائب مستغرقة بالدين فطلبت المرأة إما الفسخ وإما النفقة، ومع ذلك يخشى وقوعها في محظور، تفضلوا بالجواب في ذلك، هل يصح الفسخ بهذا أم لا؟
  الجواب وبالله التوفيق: أن هذه المسألة فيها الخلاف المعروف، فالأكثر من أهل البيت $ وغيرهم على أنه لا يجوز أن تتزوج امرأة المفقود إلاَّ بعد صحة موته أو ردته أو طلاقه أو مضي عمره الطبيعي وبعد العدة.
  وقال الإمام يحيى وهو أحد قولي الشافعي: إنه لا تأثير للمدة، بل ينظر في شأنها فإن كان لها نفقة من ماله لم تفسخ، لأنه لم يفت إلا الوطء وهو حق له، وإن كان لا مال، فإنها إذا تضررت بعدم الإنفاق فسخها الحاكم ثم تعتد وتتزوج إن شاءت.
  والمختار عندنا هو الأول لقوله تعالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٢٤]، وهذه محصنة، وقوله ÷ «امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها البيان»(١) بعد موته أو ردته أو طلاقه، لأن النكاح قد استقر فلا ينقض إلاَّ بيقين علماً أو حكماً من جهة الشرع، فهذه ما طريقها إلاَّ الصبر، ولا بأس أن يرخص لها الحاكم في التكسب بالمعروف إذا لم يكن لها مال، فعلى الحاكم أن يجري بينهم هذا الحكم، اللهم إلا أن يكون عن نظر من الحاكم واجتهاد في هذه المسألة فقد أجزنا له الحكم بمذهبه.
  وأما ما ذكره السائل من أنه إذا لم يقع الفسخ يخشى وقوع المنكر، فهذا التعليل مما لا يبيح العدول عن الأدلة الشرعية، ولو تركت أحكام الله لخشية المنكر ما قامت، بل الواجب القضاء بالحكم الشرعي، والنهي عن المنكر بالمستطاع، ومن شذ
(١) ذكره في الشفاء، ونحوه في أصول الأحكام عن علي #.