[مسألة الضمانات والمثارات]
  أن يسمع الدعوى والإجابة والشهادة ويفاوض العالم ولا يحكم إلاَّ بما أفتاه، وبهذا ينحل الإشكال، إذ ترك التقول بينهم يؤدي إلى التحاكم إلى الطاغوت، وتعطيل الأحكام، وقد قال الله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، ولكن لا يتعين عليه ذلك إلاَّ حيث لا يغني عنه غيره.
[مسألة الضمانات والمثارات]
  سؤال: ما قولكم فيما يقع في هذه الأراضي من الضمانات والمداخل التي يفعلونها، وذلك نحو أن يشتري زيد سلعة بعشرين ويضمن عمراً، وعمرو هذا فقير، ثم لما حلَّ الأجل أعسر زيد أو تمرد وصاحب المال ألحَّ على عمرو وطلبه قضاء حقه، وأدى ذلك إلى أن عمراً أخذ سلعة بثلاثين وباعها مع حاجته للدراهم فلم يبعها إلاَّ بعشرين، ثم إن عمراً طالب زيداً بذلك كله، وصح للحاكم أن ذلك ليس بربا، فهل للحاكم أن يُلزم زيداً تلك لكون ذلك غرماً لحقه بسببه؟ ومثل هذه المسألة مسألة المثار الذي يعتادونه، وحملان الضمين، فأفيدونا بالجواب الشافي.
  والجواب: أن المضمن إذا أعسر فقد أنظره الله تعالى، وإن تمرد أجبر متى أمكن، واللزوم على الضمين بموجب الضمانة في الوجهين، فيسلم من ماله ما ضمن فيه، فيرجع على من ضمنه عند الإمكان بما سلم عنه، وبما لزم من الغرم بسببه، حيث يكون السبب من المضمِّن، لا من المضَّمن، وفي هذه المسألة إن كان معسراً لزم إنظاره أيضاً، وإن كان فقيراً سلم ما لم يستثنَ للمفلس، وإن كان غنياً قضى ما لزمه بالضمانة، ولا يلزمه شراء شيء وبيعه بدون قيمته للقضاء، ولا رجوع له في هذه الصورة بالزائد، ولو فعل هكذا مفاداة على ما في يده لنفسه لم يلزم المضمون عليه، إلاَّ أن يخبره الظالم على عين هذه المظلمة فلا يبعد الرجوع على المضمن إن تعذر الرجوع على الظالم، أو يفعل ذلك بإذن المضمَّن بالشراء له فلا بأس.
  أما مسألة المثارات ونحوها: فإذا كان الثائر لا يثور لإمضاء الحق ورفع الباطل إلا بجُعل، فإنه يجوز ذلك لطالب الحق وإن حرم على الآخذ، ومذهبنا جواز الرجوع