مقدمة التحقيق
مقدمة التحقيق
  
  الحمد لله الذي جعل آل محمد أنواراً يستضاء بهم في دياجير الظلم، ونجوماً يهتدى بهم عند التباس المسالك في البهم، ورجوماً لكل معتد متعد ممن بغى وحرف وظلم، وأماناً لأهل الأرض من الهلاك والعدم، ومفاتيح لكل المعضلات وكل أمر مهم، نحمده على ما هدانا له من معرفتهم، ومَنَّ به علينا من اتباع طريقتهم.
  والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على الهادي البشير، والداعي إلى الله بإذنه محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الهداة الميامين.
  أما بعد:
  فإن فتاوى الإمام المهدي # وإجتهاداته وأنظاره محل احترام وتقدير العلماء النظار، والمجتهدين الكبار، الذين يعرفون قدر العلم وأهله، بل ولقيت أقواله قبولاً كبيراً بين علماء عصره وما بعده، وراجت رواجاً كبيراً في سوق العلم وأهله في ذلك العصر، علماً أن ذلك العصر ازدحم بالعلماء، وغص بأهل الفضل، فما قبولهم لذلك إلا أدل دليل، وأكبر شاهد على ما قلناه.
  ولهذا فإن العلماء المجتهدين في ذلك الزمان حرصوا على جمع ما تمكنوا على جمعه من الفتاوى والأسئلة التي وجهوها إلى الإمام وأجاب عنها، أو وجهها غيرهم فحفظوا تلك الفتاوى واستنسخوها وتداولوها، وأعجبوا بروعتها، وأساليب الإمام في الجواب عنها، وقوة استدلاله فيما أفتى به فيها.
  وقد كان أكثر تلك الأسئلة يوجهها علماء مجتهدون أجلاء - علماً أن أهمية السؤال وصعوبتها تكون على قدر مورده وموقعه - فلا تكون تلك الأسئلة إلا مما قد أعياهم واستصعب لديهم، أو مما هو من المسائل الهامة الدائرة وأرادوا أن يعرفوا قول الإمام وما يستقويه نظره فيها.