مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في بعض شؤون القبائل]

صفحة 104 - الجزء 1

[في بعض شؤون القبائل]

  

  لا يخفى على من عرف من أمور القبائل - سيما من ساكنهم وسبر أمورهم - ما هم عليه من الضلالة والجهالة، والأمور المخالفة للشريعة المطهرة، والأعراف الباطلة المنكرة، ومن الصحب والحمية الرادة للسنة المرضية، والمخالفة للأدلة الجلية، فأما ما كان من قواعدهم على هذا النمط المذكور فلا كلام في رده، ولا شبهة في منع المتعلق به وردعه، إن تحاكموا إلى الشريعة المرضية، والمحجة البهية، وليس الإشكال إلا من نصب نفسه لخصومات القبائل، وظن أنه ممن أحاط بجميع المسائل، وذلك ظن ليس تحته طائل، فليتق الله في نفسه، وليعلم ما يفعله في يومه وأمسه، وليجلس في منزلته التي أمر أن يجلس فيها، وليدافع نفسه بأمور القيامة وما ورد فيها، وليسلك في أوضح المسالك، فمن عرف قدر نفسه فهو غير هالك، وقد جعل الله لأمة محمد ما يرجعون عند الإشكال إليه، وما يستندون عند الإلتباس عليه، ذلك الكتاب والسنة، والمُعَبِّرُ عنهما مع ذلك، أفضل الأمة، قرنآ الكتاب، والشهداء على هذه الأمة، نجوم الظلام، ومصابيح الأنام، البدور الطالعة في كل أوان، الحجة القائمة في كل زمان، حبل الله القويم، والصراط المستقيم، الأمان من الغرق، والنجاة من الزلق، أتباعهم ناجون مكرمون، ومخالفوهم هالكون مهانون، تشهد بذلك الآيات والآثار، ويؤكده ما ورد من الأخبار، ولذلك مواضع معروفة، وكتب في ذلك الشان مؤلفة، وهذا أوان ما أشكل من أمور القبائل التي يتعارفون عليها، ويعقدون الضمانات أن لا يتعدى ما فيها، ولا يقع منهم تحاكم في أصلها لعلمهم بفسادها، إنما يتحاكمون في الوقوع وعدمه، وفي هذه القضية هل هي مثل القضية التي في صحبهم فتلزم أم ليست مثلها فتهمل.

  فالسؤال: هل يجوز للحاكم الخوض معهم في مثل ذلك، مع أنه لا يقول إلا بما ظهر له حسبما ورد إليه، أويتركهم في غيهم يعمهون، وفي بحور ظلمهم يسبحون،