[في حكم الطلاق بالثلاث للسنة متخللات الرجعة]
  فلا يلزمه الفتوى به بل على ما قررنا، لأن المفتي الجاهل إنما هو راوٍ، ولا يلزمه الغير ما صار هو إليه.
[في حكم الطلاق بالثلاث للسنة متخللات الرجعة]
  وأما مسألة الطلاق المحكي لفظها: كقوله أنت طالق ثلاثاً للسنة متخللات الرجعة، فالصحيح أنه تطلق ثلاثاً متخللات الرجعة من غير مراجعة جديدة بمضي وقت فيه لئن تكون كل طلقة موافقة لشروط السنة، فإن اختلت لم يقع الطلاق وإنما الإشكال في قول السائل متخلخلات ومتخليات والظاهر أن متخلخلات مثل متخللات فيكون حكمهما واحداً، وأما متخليات فمعناها مناف لما قبله لأن الظاهر من متخليات خاليات ولا تستقيم الثلاث إلا برجعة فيكون قوله خاليات كالرجوع وهو لا يصح فيبقى أنت طالق ثلاثاً للسنة، وحينئذٍ فلا يقع الثلاث إلا بشروط السنة مع تخليل الرجعة بالفعل بعد كل طلقة، مع أنه لا بد أن يعرف العامي معاني الألفاظ التي ينطق بها أو يوافق فيها قول عالم وإلا فهي كلا لفظ، وهذا هو شرط في جميع ألفاظ العقود والإنشآءات، ولا ينافي قولهم إن الصريح لا يحتاج إلى نية فنقول: صحيح وأما معرفة معنى اللفظ فشرط وإلا كان كنطق العربي بلفظ عجمي لا يعرف معناه.
  وبقي مثل مسألة الطلاق على الطلاق سواء كان خلعاً أو غيره إذا فعل ذلك العامي ثم سأل عنه فنقول:
  قد تقرر كلام أهل المذهب أن الطلاق لا يتبع الطلاق، وتقرر أن الجاهل مذهبه مذهب من وافق فيكون الثاني كالمخصص للأول، فلا بد أن يسأل العامي المستفتي عن إرادته وقصده فإن قال أردت البينونة الكبرى بمعنى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره عومل بذلك وأفتى بأنها قد بانت، لأنه قد وافق القائل إن الطلاق يتبع الطلاق، وإن قال ما قصدت إلا البينونة الصغرى عومل بها إذا كان الطلاق على عوض، وأما على غير عوض فلعلها تقع الثلاث لأنه أراد منع نفسه من رجعتها