[في حكم امرأة صماء بكماء أبوها كتابي ومات في بلوغها]
  وأما من قال بالفساد: فأمر خارج فنقف لهم مقام المنع، إذ هم المثبتون للفساد.
  فإن احتجوا بقوله تعالى {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١].
  قلنا: لا نسلم أن الله لم يأذن به، بل قد أذن به بأدلته، وإنما نهى عن صفته، وصفته الخارجة غيره قطعاً، كالبيع حال النداء.
  لكن يقال: تخصص هذه القاعدة بالعادات على المختار، فيدل على الفساد فيها مطلقاً، لأنها لا تجتمع الطاعة والمعصية في فعل واحد لتضمنها القربة، بخلاف المعاملات، وقد أشاروا إلى مثل هذا في مواضع.
  والجواب عن المسألة الثالثة: أن يقال دلالة العموم غير ظنية مطلقاً لعموم الأدلة كقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، ولأنها دلالة مطابقة، ومن هاهنا فالعمليات باقية على الدليل وعلى أصل الموضع، ولكن لما كانت أكثر الفرعيات مخصصة، وكان المطلوب فيها الظن، وكان موجب لغتهم جواز التجوز، ولم ينصبوا على ذلك إلا قرينة، كان موجب كثر الإستعمال الإحتمال، والإحتمال من مجاز الظنية، بخلافه في العمليات إذ لا احتمال بل هو باق على الأصل من القطعية ولو خص، لأنا تعبدنا فيه بالعلم، ولا دليل لنا إلا هذا الذي خص، فوجب أن يكون قطعياً في الباقي، ولو قيدنا بالظنية لأدى إلى تشكيك في أمهات مسائل أصول الدين، وهو ممنوع بالإجماع القطعي.
  ولأنا قد أُمرنا فيها بالعلم، والظنية تنافيه، ولأنه سيلزم التكذيب كما في السؤال، ولأن الحق واحد في الأصول قطعاً، إذ هي مسائل اعتقاد، ويستحيل أن تكون مطابقة لكل اعتقاد، بل الحق فيها ما طابق، وفوق كل ذي علم عليم.
[في حكم امرأة صماء بكماء أبوها كتابي ومات في بلوغها]
  
  وصلاته وسلامه على محمد وآله