[في التصرف في المال قصدا لإحرام الوارث]
  وقد دخل فيما سبق.
  فها هنا يقال: الأصل في المنافع عدم العوض إلا لشرط أو عرف، لأنه لم يحصل منهم إلا مجرد الإنتفاع، والطريق إلى معرفة الغلول الماضية إما التصادق أو البينة، وإلاَّ غللت الأرض أو الشجر بأن يختار عدلان خبيران يقدران ثمرة كل عام صلاحاً ونقصاً وخلفاً بغالب الظن كقيم المتلفات، وهذا ما يترجح لدينا في مثل ذلك.
[في التصرف في المال قصداً لإحرام الوارث]
  ما قولكم أبقاكم الله: فيما يفعله أهل الزمان، وهو أنه ينذر أو يتصدق أو يفعل أي الفاظ التمليك بعضهم لبعض، ومرادهم بذلك لا يحصل للوارث شيء من الناذر أو نحوه، فإن نظرنا إلى ظاهر الشرع فهو سائغ، وإن نظرنا وتحققنا كان ذريعة إلى ترك العمل بايآت المواريث، إذ لو فعل كل موروث كما وصفنا حرم كل وارث قطعاً، لا يقال مسلم إن قدر على جهة العموم وهو بعيد، فأما الأفراد فجائز، لأنا نقول تخصيص من دون مخصص، إذ الحكم واحد في الكل والأفراد، مع أنهم قد ذكروا أنه لا يجوز التوصل إلى المحظور بما صورته صورة الجائز؟
  الجواب وبالله التوفيق: أنا تأملنا المسألة فإذا هي راجعة في التحقيق إلى قولهم والبينة على مدعي توليج المُقَرِّ به، إختار أهل المذهب وكثير من العلماء أن التوليج لا يدخل غير الإقرار، بخلاف سائر التمليكات والإيقاعات فتنفذ، واختار جماعة من العلماء إبطال ما عرف منه قصد الإحرام للوارث، نظراً إلى مثل ما ذكرتم من عوده على مقصود الشارع بالنقض، حتى تبطل المواريث المنصوصة.
  والذي ظهر لنا ونختاره هو الأول، وأدلته أقوى وأرجح، وما قيل من إبطاله أدلة الميراث غير مسلم، لأن اسم الميراث لما بقي بعد الموت ولا إبطال فيه، ثم إن في خلافه أيضاً إبطال أدلة النذر والتمليك وغيرها - أعنى معارضاً بمثله - إلا في ما كان مفتقراً إلى القربة، فالراجح أن القربة تبطل، لمنع إجتماع الطاعة والمعصية، وقد