مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الكلام حول الطيرة]

صفحة 142 - الجزء 1

  فكيف يامولاي إعمال الأحاديث، بعض أمر وبعض نهي؟

  وما معنى: إنما الشؤم في ثلاث: في المرأة والدار والفرس؟ ماعنى الشارع: هل مراده في شؤم الخلقة؟ أو من باب الشؤم مع استطراده بعد العدوى؟.

  والجواب عما ورد من الأحاديث في الطيرة: أنها متعارضة في الظاهر، متفقة عند التأويل.

  وكيفية الجمع: أن الطيرة ممنوعة في الإسلام دل عليها حديث «لا عدوى ولا طيرة في الإسلام»، وقوله «فمن أعدى الأول».

  ويزيده: إقرانه في الأحاديث بالهامة والصفر، التي هي نوع من الشياطين، وقوله «فمن أعدى الأول»، جميع ذلك مؤيد لأدلة السمع ومعروض عليها، من أن الله تعالى هو الضار النافع {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}⁣[الأعراف: ١٨٨]، فهذه هي المحكمة وهي المبنية، وهي المانعة عن عقائد العوام الفاسدة، من اعتقاد النفع والضر من غير الله تعالى، وما عارضها فهو المتشابه والمأوّل.

  فقوله «الشؤم في ثلاث»: ليس المراد إلا الشؤم المحسوس من شكاسة أخلاق المرأة، وضيق الدار، وسوء الجار، وتعيب الفرس، ونحو ذلك، لأن هذه الأشياء مما يقصد بها استمرار الإنتفاع على الوجه الأكمل، لا الشؤم الذي هو النحاسة - مثلاً - فليس بمراد، ولا له دخل ولا خاض الشارع فيه.

  وأما حديث «فرّ من المجذوم فرارك من الأسد» وقوله ÷ «إذا ظهر الطاعون ببلد فلا تدخلوه» ونحو ذلك: فإنما أراد بالنهي التبعيد عن موضع الشك، وعدم التسبب للعقيدة الفاسدة، فإنه قد يعاقب عليها، فيظن العدوى، فيصيبه ذلك من جهة الله تعالى لا من جهة المتشائم به، ولهذا قال «وإن وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها»، لو كان للعدوى أثر لأمر بالخروج، لكنه منع عنه، لأنه عمل بالشك، واعتقاد العدوى، وقد مُنعت، فيجب عليه البقاء ونفي