[في الفرق بين البيع الصحيح والفاسد والباطل]
  والباطل: هو الممنوع بأصله ووصفه معاً.
  وهذا فرق حسن وإن كان فيه نوع إجمال، والفرق الجلي إنما هو بالدليل.
  فإنا وجدنا البيع الجامع لشروط الصحة معتبراً في كلام الشارع فسميناه صحيحاً.
  ووجدنا ما فقد فيه بعض شروط الصحة متعاملاً به بين المسلمين مجمعين على جوازه فعرفنا أنه قسم برأسه، وأن ما عري عن بعض وجوه الصحة بيع جائز لا واجب، بل معرض للفسخ فسميناه الفاسد، وثبتت له أحكام متوسطة بين أحكام الصحيح والباطل اقتضتها الأدلة.
  ووجدنا الشارع حظر بعض البيع ونهى عنه، ولم يثبت له حكماً من أحكام البيع، فعرفنا أنه الباطل، وأن وجوده وعدمه على سواء، وهذا المسمى بالباطل وجدنا الشارع في بعضه نهى عن قربانه لذاته وحظَّر الدخول فيه، فاقتضى ذلك مع خلو أثره تحريم الدخول فيه، فجعلناه قسماً من الباطل لا يقتضي الملك، ولا يجوز الدخول فيه كمقتضي الربا.
  ووجدناه في بعض الصور نهى عنه لا لذاته، بل لأمر خارج عن الذات، فعرفنا أن النهي إنما هو لذلك الوصف، يريد البعد عنه من حيث أنه لا يفيد الملك، فحكمنا بعدم إفادته الملك من دون تحريم الدخول فيه، فإذا دخل فيه داخل لم يفد إلا الإباحة التي تحصل بغير ألفاظ البيع، فلهذا قالوا إنه معاطاة لا يفيد الملك، وأنه يصح الرجوع عنها كما هي قاعدة الإباحة.
  لا يقال: من شأن الإباحة أنه يصح الرجوع فيها مع البقاء لا مع التلف.
  لأنا نقول: ذلك شأن الإباحة على غير عوض، وأما الإباحة على عوض فهي مضمونة فيرد الباقي منها بعينه، وفي تالف المثلي مثله، والقيمي قيمته.
  فهذا ما ظهر وتيسر من جواب هذه المسألة والله أعلم.
  قال في الأم: كتبه عبدالله أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين عفا الله عنه