مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في قبيلتين اعتدت إحداهما على الأخرى]

صفحة 204 - الجزء 1

  على آبائه وأجداده صلى الله عليهم وعليه، المهدي لدين الله حفظه الله: في قبيلتين من المسلمين اقتتلا وحدث فيها سفك الدماء.

  وتفصيل فتنة القبيلتين: أن بعض أحدهما قصد بعض الأخرى إلى منازله فلما انتهى القاصد إلى قرب من منازل المقصود وجد البعض في الجبانة، فوثب رائداً لقتله وسلب ماله، فمكر مكراً ومكر الله مكراً فخاب وولى هارباً خوفاً من القبيلة المتعدى على بعضها.

  فلما بلغ هذه القبيلة نبأ ذلك المتعدي فلزمتها الحمية واجتمعت ملبية بالنصر لذلك البعض، والقبيلة الأخرى كذلك فالتقت الفئتان فاقتتلا وصار بعضهم قتلى وبعضهم جرحى.

  فما جزاء القتيل والقاتل، والجريح والجارح عند الله؟ وهل يجوز لتلك القبيلة أن تنصر المتعدى عليه، أنه إن لم ينصرها ويقصد المتعدي إلى ديارها، أخذت في حق القبيلة التي البعض المتعدى عليه منها، وربما استخفت واستهزأت وأولت البغي بعد البغي، ولا حاكم هنالك ولا شريعة يجنحون إليه، ولا يكفها عن بغيها إياها إلا القصد إلى ديارها؟

  هذا والجواب مطلوب جزاكم الله نعيم الدارين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

  الحمد لله، الجواب وبالله التوفيق: أن الغالب على أفعال القبائل ومحارباتها أن يكون الكل متعدين، وحكمهم ما جاء عن الرسول ÷ «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال «إنه أراد قتل صاحبه»⁣(⁣١).


(١) صحيح البخاري (١/ ١٥)، وسنن البيهقي (٨/ ١٩٠)، وصحيح مسلم، كتاب الفتن، وسنن النسائي (٧/ ١٢٥)، والسنة لابن أبي عاصم (١٠/ ٢١٠)، وغيرهم.