مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

دعوته #

صفحة 22 - الجزء 1

  شرطوا على الإمام في بعض حصارات صنعاء وقد أشرفتُ على الفتح أن يكون السيف غيرنا، فأقسم لهم بالله ما معهم غيره، ولقد أشرت عليه أنا أن يجعل غيري وأنا أسد في باب آخر، فقال: لا، لا تقل هذا، أنا أعرف، ولكن الإمكان شرط التكليف كله، ولا بد أن يمد الله بنصره من عنده، ويسبب ذلك بقدرته، فعسى أن يعز دينه، ويرفع أولياءه. انتهى كلامه #.

  فكان الإمام المهدي # في أيام الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد من كبار قادته، وعيون أنصاره وشيعته، بل رأسهم المقدم، وشيخهم المعظم، ولاه الإمام المحسن بن أحمد نيابة صنعاء، وتصدر للقضاء الأكبر، فطابت شمائله، وشاعت وذاعت فضائله.

  فلما توفي الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد سنة (١٢٩٦) هـ، قام الأتراك بحبس الإمام المهدي #، وحُبس معه طائفة من العلماء الأعلام في ذلك الزمن، منهم الإمام المنصور بالله محمد بن يحيى حميد الدين، والسيد الإمام الحافظ أحمد بن محمد الكبسي، وغيرهم؛ أخذوهم غدراً ولم يتركوا مشاراً إليه بعدهم؛ وأخذوهم إلى مدينة الحديدة، حتى لا يقوم أحد منهم بدعوة الإمامة، وفي حال حبسهم نصب بعضُ العلماء الهادي شرف الدين بن محمد الحوثي الحسيني للقيام، على أن يكون النظر لأولي الحل والإبرام من هؤلاء الأعلام، متى فرّج الله تعالى عنهم؛ لأنه أظلم اليمن بأسرهم، فلبثوا في السجن سنتين، ثم يسر الله تعالى إخراجهم.

  فلما خرجوا من السجن أجمع أولوا الحل والعقد، على قيام الإمام الأعظم المجدد للدين أمير المؤمنين، المهدي لدين اللَّه رب العالمين، محمد بن القاسم #، بعد أن اختبره العلماء في غامضات المسائل، وعويصات المشاكل، حتى أفحم كل عالم حَبر، وما سُئل عن مسألة إلا أجاب عنها، حتى قال بعض العلماء: إنهم ما شبهوا علمه إلا بالإمام الهادي #.