مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في المعنى المشتق من اسم الفاعل والمفعول]

صفحة 235 - الجزء 1

  والراجح ما ذكره الإمام القاسم # وغيره أن خالق ما سيكون حقيق.

  واحتج: بكونه معروف عن أهل العربية من حيث أنهم ذكروا أنه لا يدل وضعاً على زمن معين، وهذا كلامهم بالاتفاق فيلزم عليه أن يكون من بيان المشترك الذي يصح تطبيقه على أي معانيه حقيقة، وحينئذ فالقرينة عنده إنما هي للتمييز بين معاني المشترك وليست بقرينة المجاز.

  وما ذكره ابن الإمام من حكاية الاتفاق لا يدل على الإجماع.

  وحجة القاسم # أظهر، لأنه نظر إلى الوضع العربي الذي هو المناط في الدلالة، لا إلى المعنى المدلول عليه، وقد ذكروا أنه لا يدل على زمن وضعاً عند أهل العربية، ولو كان حقيقة في الحال لكان قد دل عليه وضعاً كما هو حقيقة الحقيقة.

  ثم إنه قد استعمل في كلام العرب من غير ملاحظة ماضي أو مستقبل من غير نصب قرينة، إذا كان مرادهم الإشارة إلى نفس الحدث من غير إرادة إلى متعلقه، ومن تأمل كلامهم وجد ذلك شائعاً ذائعاً موضوعاً على حد وضع الحقائق، وفي كتاب الله تعالى من ذلك كثير كما في قوله تعالى {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ}⁣[النحل: ١٧]، {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ٣٩}⁣[آل عمران]، {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ٣٢}⁣[مريم].

  ولعل الجمهور يقولون القرينة عقلية لكن قد كثر استعماله من دون ملاحظة إليها، وإن نصب فللتمييز بين معاني المشترك كما ذكرنا لا للمجاز، والأصل في إطلاق الحقيقة وقد سبقت الإشارة إلى طرف من هذا البحث.

  وثمرة الخلاف تظهر في جواز إطلاقه على الله تعالى قبل الإذن السمعي وعدم ذلك:

  فعند القاسم وأبي هاشم يجوز لأنه حقيقة، ويلزم الجمهور أنه لا يجوز، لأنه لا يطلق على الله من الأسماء إلا ما كان حقيقة أو ورد به إذن سمعي والله أعلم.