مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في التصرف في المال قصدا لإحرام الوارث]

صفحة 58 - الجزء 1

  نص أهل المذهب على مثل هذا في آخر الوقف عند قول الإمام المهدي #: (المؤيد بالله) ويصح فراراً من الدين، ثم إنه يقال المُحَرَّم إنما هو قصد الإحرام لا إخراج ماله من ملكه، ولا دليل على بطلان تصرفه، بدليل أنه لا يمنع من إتلاف ماله، وذلك القصد إنما يعاقب عليه فيما نذر به أو وهب بنيته، فلا إثم مع القصد، لا شك فيه، مع أن القصد أمر قلبي لا ينضبط فلهذا شرطوا في توليج الإقرار أن يصرح من قبل بإرادة الإحرام، وإنما بطل الإقرار وحده من بين سائر العقود لكونه إخباراً يحتمل الصدق والكذب فحمل على الظاهر، وأما الإنشاءات فلا مدخل للإحتمال فيها.

  فإن قيل: إذا كان الميراث إنما هو لما بقي بعد الموت فكيف يتخرج معنى الحديث وهو قوله ÷ «من أحرم وارثاً إرثه أحرمه الله ريح الجنة»⁣(⁣١)، مع أنه بعد موته لا سبيل إلى إحرامه.

  قلت وبالله التوفيق: أما معنى الميراث فهو ما ذكرناه كما حققه أهل الفرائض، وأما الحديث فلا بد من حمله على التجوز في لفظة (إرثه) من تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه، أي ما يصير إرثه، وإحرامه بأن يخرجه من ملكه بأي وجوه التمليكات قاصداً للإحرام فيدخل في الوعيد.

  فإن قلت: فإذا قد توعد عليه فهو متضمن للنهي عنه والنهي يدل على فساد المنهي عنه فيفسد التمليك ونحوه.

  قلت: إنما يفسد إذا كان راجعاً إلى نفس المنهي عنه، لا إذا كان لأمر خارج عنه، كالبيع حال النداء، وهذا من ذلك القبيل، والله أعلم.


(١) تقدم تخريجه في أول الكتاب.