[مسألة الشهادة]
  فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢]، وقوله تعالى {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}[البقرة: ٢٨٢]، وقول الله {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ٢٩}[النمل: ٢٩]، الخ وهي أجلى في العمل بمجرد الكتابة، وبعثه ÷ بالكتب والرسائل معلوم، وترتب عليهما أحكام شرعية، وكعمل الصحابة بكتاب عمرو بن حزم وغير ذلك، ولكن لا بد من تفصيل في ذلك وهو:
  إما أن يكون الكاتب والشهود أحياء محققين بصحتها فلها حكم الشهادة من كل وجه في الإثبات والنقل والدخول والخروج والجرح والتعديل وغير ذلك.
  وإما أن يكونوا أمواتاً، فإن كان ما كتبوه مؤيداً لمن القول قوله من مثل الأصل أو الثبوت أو الظاهر، فلا إشكال أنه يعمل بها للإستظهار، وبقوة ذلك الأصل.
  فإن لم يكن كذلك بل خالف ما كتبوه ما يرجع إليه من ذلك الأصل فهذه هي التي تحتاج إلى النظر، والحق أن الكتابة في هذا الطرف لا تبلغ مرتبة البينة العادلة من الشهود الأحياء الناطقين الثقات، بل تكون في المرتَبة التي دونها وهي مرتبة مَن القول قوله، بشرط معرفة الخط، وحسن حال الكاتب والشهود، المشار إليه بقوله تعالى {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ}[البقرة: ٢٨٢]، {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢]، وهاهنا لا بد من النظر والترجيح فيما بين الأقوى من حُجَّة المدَّعي أو المدَّعى عليه بالأمارات والقرائن من كيفية الحق، وكيفية المكتوب، وطول الزمان وقصره، وقوة المعارض وضعفه، والغيبة والتغليب وضدهما، من إمام العصر أو الحاكم الخريت المتولي من جهته، أو يعرض ذلك على إمامه، إذ مذهبنا عموم الولاية أينما بلغت الدَّعوة، وليس المراد بنفوذ الأوامر غير بلوغ الدعوة كما تؤديه الأدلة، ويكون ولاة القضاء نُواباً عنه لا غير، ولهذا يجب عليهم الحكم بما عيَّن لهم وإن خالف ما عندهم فلا معنى للصلاحية إلاَّ في غير زمانه، أو إن تضيقت الحادثة، ولا معنى لحكم الحاكم المجتهد بمذهب نفسه إلاَّ حيث أطلق له.
  وأما اشتراط غلبة الظن بصحة المكتوب فأمر لابُدَّ منه.