[الحيلة في الشفعة]
  ÷: «الجار أحق بصقبه»(١)، وكتحريم تلقي الجلوبة، والسَّوم على السَّوم، والخطبة على الخطبة ونحو ذلك.
  وكلام الإمام يحيى ومن معه مبنيٌّ على ثبوت الإستحقاق بالبيع بشرط الطلب، لأنها شرعت لدفع الضرر، ولا ضرر حتى يقع البيع، فما وقع قبله من التصرفات الجائزة بنصوص الشريعة من هبة أو نذر أو بيع جزءٍ فهوجائز، لجواز المعاملات بين المسلمين، وليس فيها إسقاط حق قد ثبت، لأن حق الشفيع لم يثبت إلا وقد ثبت حق لغيره قبله، وهذا التفصيل هو المختار.
  والكراهة حينئذٍ تفيد الحظر والمنع حيث عرف الحاكم قصد الحيلة على الشفيع، وعلم الحاكم ذلك إما بالنصوصية كإقرار المشتري بإرادة الحيلة، أو بالظهور كأن لا يقوم ما يبيع بألف إلاَّ بمائة، فيكون الظاهر مع الشفيع، والقول قوله مع يمينه، ومثل هذا تقدم هبة جزء من المبيع أو نذر أو نحو ذلك لا شك أن كلاً منها جائز مهما كان على بابه، وأما إذا عرف أن ثمنه قد دخل في ثمن المبيع فقد لزمت الشفعة في الجميع، لأن العقد منطوٍ في المعنى على الكل، ويعرف ذلك كما ذكرنا إما بالنصوصية، أو الظاهر بحيث يكون قيمة المبيع والموهوب معاً مساوياً للثمن المسمى أو أقل منه.
  وأما بيع الصفقات والجزء المشاع: فصحيح، لأنه لم يثبت حق الشفيع إلا وقد ثبت حقٌ لغيره قبله.
  وما أورده المانعون من تشبيهه بحيلة إسقاط الزكاة، وبالسوم على السَّوم، وتلقي الجلوبة، والخطبة على الخطبة ونحو ذلك، مدفوع بأن هذه الأشياء لو وقعت وتمَّت
(١) صحيح البخاري (٩/ ٣٥)، ومسند أحمد (٦/ ٣٩٠)، التمهيد لابن عبد البر (٧/ ٤٦)، فتح الباري شرح البخاري (١٢/ ٣٤٥)، كنز العمال (١٦٧١٧).