مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[بحث في الشفعة]

صفحة 93 - الجزء 1

  عندنا سابقاً، وقد حكمنا بالقسمة فابدؤا بالقسمة، والمشتري وضُمناه أجبروا الشافع على القسمة فقسم كرهاً، وشرط بقاء شفعته، قالوا ما قال الحاكم قال، وبعد القسمة حضرا عند الحاكم في طلب الشفعة هل حكم الحاكم بالقسمة ليحول على الشفيع تبطل شفعته أم لا؟ والحاكم قاصدٌ بذلك تبطل شفعته، والضمين ما عذر من القسمة، تفضلوا بالجواب، تبرأة الذمة، ويعتمد عليه في مستقبل الزمان؟

  الجواب وبالله التوفيق: أن الشفيع هذا قد استحق الشفعة بالطلب، إذ الشفعة أقوى، وهي نقل ملك القسمة، وأما القسمة فهي تقرير ملك، والعجب من الحاكم كيف يسمع دعوى القسمة سواءً تقدمت على الطلب أم تأخرت، بل الواجب عليه تقديم دعوى الشفعة فإن تمت كفي مؤنة القسمة، وإن بطلت فلا بأس بالقسمة من المشتري وشريكه، والمسارعة إلى الحكم بالقسمة لا تؤثر شيئاً، لأن قسمة المشاع معلومة من الدَّين، إذا كان حكم بالقسمة مجملاً، وإن كان قد فعل نفس القسمة فقد أبطل حق مسلم ثابتاً شرعاً، لأن النبي ÷ يقول «الجار أحق بصقبه»⁣(⁣١)، وصيغة أفعل تقتضي الأحقية، وقد نصوا أنها تجب بالبيع، وتستحق بالطلب، وتملك بالحكم أو التسليم طوعاً، فكيف تبطل هذه الثلاثة الإستحقاقات بقوله قد توافقتم عندنا وقد حكمنا بالقسمة فابدؤا بها، المراد فابدؤا بإبطال الشفعة هذا خلف من القول، وخطل من الرأي، مع تصريحهم بأن الشفيع نقض المقاسمة إلى آخره، ما ذاك إلا لسبق حقه، فالشافع على شفعته، ولو أجبروه على القسمة، اللهم إلا أن يكون قد طلب القسمة إختياراً قبل طلب الشفعة أو بعده، فقد أبطل شفعته على نفسه.


(١) تقدم تخريجه.