باب بيع الدار مذارعة
باب بيع الدار مذارعة
  قلت: وكذلك لو اشترى داراً كل ذراع بكذا وكذا، ولم يسم جميع ذرعها، هل يفسد البيع أم لا؟
  قال: إن كان اشترى عرصة الدار أذرعاً كل ذراع بشيء معروف فذلك جائز، وكذلك إن كان اشترى كل ذراع من العرصة ومن الجدر التي تحيط بالعرصة وقد رأى عرضه وطوله وعرفه، فلا بأس أيضاً ببيعه بعد معرفته، وأما السقوف والخشب فلا تدخل في بيع المذارعة بالأرض ولا بالجدر؛ لأنه يختلف، رُبَّ ذراع يكون فيه خشبتان وثلث، ورب ذراع لا يكون فيه خشبة ولا في ذراع ونصف، فمن هاهنا أفسدنا بيع الخشب مع مذارعة الأرض والجدر؛ لأن ذرع الأرض والجدر يمكن ويصح، والسقوف والخشب لا يمكن ذرعها ولا يصح؛ لتباعد خشبه(١) وتقاربه إذا كان ذلك كذلك لم يصح عدد ما يدخل في المذارعة من الخشب، وإذا لم يصح ذلك كان شراؤه غرراً وشراء الغرر لا يجوز ولا بيعه.
  قلت: فكيف يعمل من اشترى الأرض والجدر؟
  قال: يبصر الخشب ويدور تحته حتى إذا عرفه اشتراه جزافاً أو عدداً.
  قلت: فقد ذكر أن عمرو بن حريث اشترى داراً على هذا الذرع، فلم ينكر عليه من علماء(٢) دهره أحد؟
  قال: لعل شراءه على ما ذكرنا.
  قلت: فإن كان اشترى على غير ما ذكرت؟
  قال: ليس عمرو ولا غيره بحجة على الحق، وإنما الحقُّ حجةٌ على الناس، ومن تعدى الحق فقد أخطأ، والخطأ لا يثبت ولا يقتدى به، وقد أعلمناك الحجة، وكل من ادعى شيئاً أو أجازه أو حرمه ولم يكن معه حجة نَيِّرة بينة من كتاب الله أو سنة رسول الله ÷ أو ثبات في العقل فلا يقبل منه ما يأتي به.
(١) خشبه وتفاوته. نخ (٥).
(٢) أحد من علماء دهره. نخ (٥).