تفسير قول رسول الله ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»
تفسير قول رسول الله ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»
  يريد أن كل رضاع قارع نسباً فقد حرم على مناسب الذي هو ذو رحم له، وتفسير ذلك أن كل من رضع معك فهو حرام عليك، ومن رضع من منتسب إليك أو ولد منتسب لك فإنه حرام عليك؛ لأنه شارب ذلك بشربه من لبن ولدك، فكل راضع رضع من لبن ذي نسب منتسب إلى أحد فهو حرام عليه؛ لشربه لبن ولد المنتسب إليه من ولده ذكراً كان أو أنثى.
  ومعنى قارع النسب هو: شابه النسب، ومعنى شابه النسب أي: رضع من ذي النسب حتى حرم كولده إذا جرى بالرضاع مجرى ولده.
  وتفسير ذلك: رجل أرضعت زوجة ابن ابنه بلبن ابن ابنه صبية، فتلك الصبية حرام على الجد؛ لأنها بنت ابن ابنه، وكذلك لو سفل الولد، ولو أن رجلاً أرضعت بنت بنت بنته أو بنت بنت ابنه أو بنت ابن ابنه وإن سفل صبية لم تحل هذه الصبية للجد الأعلى ولا للجد الأوسط، ولا لشيء من آبائهم الوالدين لهم الأدنين والأقصين.
  وجميع ما أرضع بنات الأجداد وزوجات بني الأبناء بألبان الأبناء حرام على الأجداد والآباء، فالولادة تحرم النكاح، وتحريم النكاح دليل على الولادة، فكل راضع رضع من نسب فهو بحكم الله ورسوله كالنسب كان من ذكر أو أنثى؛ لأن الذكر والأنثى في الولادة سواء سواء لا فرق بينهما في قول ولا معنى ولا اختلاف فيها؛ لأن ولد بنتك في النسب كولد ابنك في الولادة.
  والدليل على ذلك أن الكل على الجد الأكبر حرام، وإذا ثبت التحريم من النسب ثبتت الولادة والنسب؛ ألا ترى أن رسول الله ÷ لو بعثه الله في دهرنا هذا في المثل لم يحل له نكاح امرأة من ولد الحسن والحسين؛ لأنهن بناته المنتسبات إليه، ولم يحرم عليه النظر إلى شعورهن ووجوههن وزينتهن؛ لأنه أبوهن وجدهن، له من كل واحدة منهن ما لأبيها منها سواء سواء لا فرق بينهما في الدين ولا في القياس عند عربي ولا أعجمي ولا ضال ولا مهتد.