المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب في الحنطة والشعير وغير ذلك

صفحة 329 - الجزء 1

باب في الحنطة والشعير⁣(⁣١) وغير ذلك

  قلت: وكذلك لو اشترى كر حنطةٍ، أو فرق سمن، أو فرق زبيب معاً، أو ثوباً واحداً، أو غير ذلك من جميع الأصناف، وقال: قد أخذت منك هذا بمثل ما يبيع الناس، هل يفسد البيع أم لا؟

  قال: إن كان قد باع من ذلك الصنف صدراً على سعر واحدٍ فلا بأس بشرائه على ذلك الشرط الذي قد عرف وفهم، وإن كان لم يبع منه شيئاً فلا يجوز ذلك الشراء.

  قلت: وما الفرق بين ذلك.

  قال: لأنه إذا كان قد باع جزءاً من ذلك الصنف وعرف سعره ثم اشترى منه هذا المشتري على ما باع الناس فقد اشترى منه على سعر معروف قد مضى غير مجهول، إن تشاجرا فيه من بعد ذلك كان على البائع⁣(⁣٢) أن يثبت على بيعه كيف باع، فإذا أثبت لزم المشتري الرضا بذلك؛ لأنه قد اشترط له شرطاً معروفاً قد كان ومضى وبان، وإذا لم يكن باع منه شيئاً فلم يقع شراء هذا الذي لم يسم بيعه وثمنه شيئاً مفهوماً على أصل يثبت به بيع، وهو غرر عليهما جميعاً؛ لأنه إن رخص سعره بعد ذلك كان الوكس على البائع، وإن غلا سعره كان الوكس على المشتري، وكذلك إن باع من بعد بأسعار مختلفة متفاوتةٍ كان⁣(⁣٣) ذلك غرراً بيعه أيضاً على المشتري فيما أخذ بغير قطع، فبهذا وشبهه أبطلنا بيعه، وفرقنا بين الماضي والمستأنف لأن الماضي معروف لا غرر فيه وليس فيه إن تناكر البيعان غير إثبات البينة من البيِّع⁣(⁣٤).


(١) والسمن. نخ (٥).

(٢) البَيِّع. نخ (٥).

(٣) بدل العبارة في نسخة (٥): كان بيعه وكذلك غرراً أيضاً على المشتري.

(٤) في نخ (١، ٢): وليس فيه إن تناكر البيعان عند إثبات البينة من البيِّع (غرر/ظ). وما أثبتناه من نخ (٣، ٥)، ولعله الأصح؛ لأنا لا نحتاج إلى التظنين معه.