باب إذا استثنى في الطلاق
  قلت: فإنه لما كتب الكتاب ندم فأمسكه، ولم يوجه به؟
  قال: كذلك أيضاً لا يقع بها الطلاق.
  قلت: فإنه كتب إليها: أنت طالق، ولم يشترط وصول الكتاب، ولا وقت وقتاً للفراق؟
  قال: إذا كتب ذلك لزمها الطلاق وصل أو لم يصل؛ لأنه لم يشترط وصوله.
باب إذا استثنى في الطلاق
  وسألته عن الرجل يقول لمرته: أنت طالق إن شاء الله؟
  فقال: قد اختلف الناس في ذلك، فقال قوم: لا استثناء في طلاق، وقال قوم: الاستثناء في الطلاق جائز، وأما قولي أنا فأقول: إنه إذا قال لها: أنت طالق إن شاء الله، نظر في أمرهما فإن كانا متفقين في دين الله وزوجته قابلة لأمر الله فيه غير هاجرة له ولا مانعة من فراشه ولا تاركة لمصالح منافعه، وهو أيضاً كذلك، فاستثناؤه جائز؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: {فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ}[البقرة: ٢٢٩]، ويقول سبحانه: {لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ}[الطلاق: ١]، فإذا كانا على ما وصفنا منهما فقد أمر الله تبارك وتعالى بإمساك مثلها، وجاز استثناؤه، ولم يقع عليها طلاق.
  قلت: فإن كان الرجل مسيئاً إليها غير منصف لها؟
  قال: قد قدمنا جواب ذلك كله، وأجملناه لك، أنهما إذا كانا متفقين في أمرهما، وكل واحد منهما مصلح لصاحبه أمر معاشه ودينه فقد شاء الله اجتماعهما، ولم يشأ فرقتهما، وإذا كانا مختلفين في أمرهما متبائنين في دينهما ودنياهما فقد شاء الله سبحانه فراقهما، ولا استثناء له إذا كانا كذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ}[البقرة: ٢٢٩].