أبواب الأشربة
أبواب الأشربة
  وسألته عن الخمر لم سميت خمراً؟
  فقال: لأنها تخامر العقل فتزيله، فلذلك سميت خمراً.
  قلت: فالخمر، من أي شيء هي(١)؟
  قال: من العنب والزبيب والتمر والذرة والشعير والبر، وجميع ما عمل فشُرِبَ فخامر العقل، فهذا أصل فيه جملة ما يحتاج إليه.
  قلت: فإنه عصر عنباً على أن يعمله خمراً فلما خمر بدأ لصاحبه فعمله خلاً؟
  قال: لا أحب أكل ذلك، لما تقدم من النية فيه أنه خمر، وكذلك بلغنا عن رسول الله أنه لما حرمت الخمر أمر بإهراقها(٢) وقال: «لا ينتفع بها، ولا تعمل خلاً ولا غيره».
  قلت: فما تقول في الطلاء والفضيخ(٣) والمثلث، وما أشبه ذلك، مما يعمل من الزبيب والعسل إذا طبخ فذهب ثلثاه أو نصفه؟
  فقال: أخبرك في هذا بأصل تكتفي به إن شاء الله، اعلم أن جميع ما كان من هذه الأشياء المطبوخة أو المنقعة أو ما أشبه ذلك فما لم يسكر كثيره إذا شرب ولم يزل عقل صاحبه من شربه فهو حلال قليله وكثيره، وما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام، فاكتف بهذا.
(١) هو. نخ (٥).
(٢) (أمر بإهراقها) بدلها في نخ (٥): أهراقها.
(٣) مرسومة في المخطوطات هكذا (النحتح) بدون تنقيط فبحثت عن الكلمة بتقليب النقط فلم أجدها بين المسكرات، ووجدتهم إذا عددوا المسكرات ذكروا (الفضيخ) فلعلها المقصودة هنا، وما وجدناه في المخطوطات تصحيف لتقارب رسم الكلمتين عند عدم التنقيط وتوضيح الأحرف، والله أعلم. قال في تحفة الفقهاء: أما الْأَسْمَاء فثمانية: الْخمر وَالسكر ونقيع الزَّبِيب ونبيذ التَّمْر والفضيخ والباذق والطلاء وَيُسمى المثلث والجمهوري وَيُسمى أَبُو يوسفي ... حتى قال: وَأما الفضيخ فَهُوَ الْبُسْر إِذا خرج مِنْهُ المَاء وغلي وَاشْتَدَّ وَقذف بالزبد وَذَلِكَ بِأَن يكسر ويدق يُسمى فضيخا لِأَنَّهُ يفضخ أَي يكسر ويرض ... حتى قال: وَأما الطلاء فَهُوَ اسْم للمثلث وَهُوَ الْمَطْبُوخ من مَاء الْعِنَب بَعْدَمَا ذهب ثُلُثَاهُ وَبَقِي الثُّلُث وَصَارَ مُسكرا.